مختصر مفيد
كان تاجر يشتري الأبقار من العراق، ثم ينتقل بها هو ورجاله في طريقهم حتى يصل الى سورية ليبيعها هناك، ثم يشتري بثمنها أقمشـة ومصنوعات أخرى يعود بها الى العراق.
كان رجلاً حسن الأخلاق، يؤدي واجباته الدينية، يُعطي من ماله الفقير والمحتاج.
في إحدى سفرات التجارة، وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى، أي قبل أكثر من مئة عام، هطل ثلج كثير فسد الطريق، وقتل الأعشاب، فماتت أبقاره عدا أربعة منها، فصرف رجاله، ثم وصل الى قرية ٍ صغيرة بين الموصل وحلب.
طرق باب أحد البيوت، فلما خرج إليه صاحب الدار أخبره أنه ضيف الله يريد ان يبيت ليلته في داره، إذ لم تكن، حينذاك، فنادق يأوي إليها المسافرون، ولم تكن هناك يومئذٍ مطاعم، والغريب أو المسافر يطرق أي دار، ثم يحل ضيفاً ينام فيها، ويأكل من طعام أهلها دون أجر، فرحب به صاحب الدار، وأدخل أبقاره الى صحن الدار، وقدم لها العلف.
كان صاحب البيت مٌعدماً ماتت مواشيه، وتضرر زرعه، وكان متزوجاً له ولد واحد في العشرين من عمره، وكان في الدار غرفتان، الأولى يأوي إليها هو وزوجته، وغرفة لولده، فاجتمعت العائلة حول الضيف الجديد وابتدأ السمر، وعرف المضيف ان الضيف يحمل مالاً، وفي الهزيع الثاني من الليل ذهب الضيف مع الولد لينام في الغرفة الثانية، وكان الولد مُعتاداً على النوم في الزاوية اليمنى من الغرفة، التي يُفترض ان ينام هذا الضيف في الناحية اليسرى.
في الغرفة همست الزوجة لزوجها: يا فلان، الى متى نبقي في عوزٍ شديد، هذا الضيف غني ونحن في أشد الحاجة الى ماله وأبقاره، إننا مقبلون على مجاعة، إننا نأكل يوماً ونجوع أياماً، إن الفرصة سانحة، هلمَ الى الضيف فاسلبه ماله وخذ أبقاره، فالضرورات تبيح المحظورات.
سألها الزوج: كيف وهو ضيفنا؟ قالت له: اقتله ثم نرميه في حفرة قريبة ببطن الوادي، ومَن يعرف بخبره، مَن؟
اقتنع الرجل فدخل الغرفة الثانية، ومن ورائه زوجه تشجعه ومشى على أصابع رجليه واتجه الى الزاوية اليسرى من الغرفة، وتحسس جسم النائم ثم ذبحه كما يذبح الشاة، وتعاون هو وزوجه على سحب الجثة الى خارج الغرفة، وهنا اكتشفا أنهما ذبحا ابنهما الوحيد فشهق الرجل، وشهقت الزوجة فسقطا مغشياً عليهما، وعلى صوت الجلبة استيقظ الضيف، واستيقظ الجيران فسارعوا الى الرجل وامرأته بالماء يرشونه على وجهيهما، فلما أفاقا أخذا يبكيان بُكاء مُراً، وتم إبلاغ الشرطة، فألقت القبض على الجانيين، ما الذي حدث في غرفة الابن؟
أخذ الضيف والابن يتجاذبان أطراف الحديث، وطال أمده حتى نام الولد في فراش الضيف في الزاوية اليسرى بعد ان غلبه النعاس، ونام الضيف في فراش الولد، ودفن الجيران الولد القتيل، واستقر والده في السجن.
الظلم عاقبته وخيمة، والجشع صفة دنيئة، في حياتنا اليومية هناك من يظلم الناس بلسانه، أو يغتابهم، وهناك المدير أو المسؤول الذي يظلم الموظف النزيه، والكفء فلا يرقيه.
وهناك قصة سمعتها من مواطن يذكر فيها انه كان يمتلك مطعماً في الكويت، فيه عامل كان يختلس من نقود الغلة من حين إلى آخر ويرسل المال إلى بلده، ثم فوجىء بالعامل، وهو في بلده يرجوه أن يسامحه فقد ابتليت ابنته بمرضٍ خبيث هدد حياتها، وأخذ يرجوه أن يعفو عنه، لكن هذا الأخير طلب منه استرجاع النقود أولاً، والأمثلة كثيرة.
إذا ظلمك أحد فلا تنتقم منه، بل راقب من بعيد وسترى القدر، فالقدر يبدع دائماً في تصفية الحسابات "يمهل ولايهمل".