قبل حل مجلس الأمة في مايو 2024، طغى الحديث، والقلق، والتساؤل المشروع عن مسار العلاقة، والتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، في ضوء كثافة الاستجوابات الموجهة، والانتقائية، والكيدية، والتعسف في استخدام الأدوات الدستورية من بعض النواب، وتواضع أداء الوزراء.
بقدر ما كانت نيران الاستجوابات عشوائية، إلا أنها كانت شديدة الانتقائية حتى حين تمتم بعض النواب عن تحفظاتهم على قانون تنظيم الإعلام، وخصوصا اثناء الحلقة النقاشية بهذا الشأن التي وجدها البعض فرصة إطراء لوزير الإعلام، وفرصة أخرى لتثبيت موقف شكلي.
كانت وزارة الإعلام والثقافة بعيدة عن مرمى النيران النيابية، الصديقة وغير الصديقة، ونجت الوزارة من انتقاد، أو تناول الكتّاب والصحافة، لإخفاقات عمل أو نجاحات الوزارة، وقد يكون ذلك امتداداً أو انعكاساً لحذر نيابي، وسياسي.
بطبيعة الحال، لا يجوز أن يتحول الانتقاد إلى تصفية حسابات شخصية، لأننا ليس لدينا عداوة سابقة أو حالية مع وزارة الإعلام والثقافة، أو وزيرها شخصياً، ولا يجور أن تُبنى وجهات النظر، والآراء على أسس غير مهنية، وغير موضوعية، أو شخصانية.
من حقنا أن نتفاءل، ونتشاءم اعتماداً على طبيعة تدفق المعلومات، والأخبار، والمشاهد الحكومية.
ومن حقنا الانتقاد الموضوعي، والتركيز على المثالب، والثغرات، والإفراط في التصريحات الوزارية، والظهور الإعلامي المكثف لبعض الوزراء، وعدم ظهور البعض الآخر، وكأنهم في حالة خصام مع الإعلام.
ليس لدينا من معطيات، أو تطورات تبرر الاجماع على تحول الكويت إلى وجهة سياحية بسبب انعدام البيئة السياحية، ومبالغة في التزمت الاجتماعي، وتأثير مناخ التشدد الديني، لذلك ليس لدينا ما يغير الرأي بشأن السياحة عندنا حتى تاريخه.
ولا يجوز قياس حفلات "فبراير" بأنها مؤشر على استقطاب السياحة، والترفيه، ومنافسة دول مجاورة، إذا ما اخذنا بعين الاعتبار الضوابط، والشروط، واهمال وزارة الإعلام للإبداعات الوطنية التي وُلدت من رحم الغزو العراقي في الخارج.
ففي اشهر الغزو، سجلت أغاني رائعة من حيث الأشعار، والغناء، فقد توجت تلك المرحلة بسيل من قصائد الشاعر الدكتور عبدالله العتيبي، رحمه الله.
أما الأخ العزيز الشاعر الدكتور خليفة الوقيان فقد زلزل جحافل "الرفاق" في النظام العراقي البائد، وتصدى لزحفهم نحو جنوب الكويت بذريعة تحرير فلسطين!
والحديث عن الإبداعات الوطنية المنسية، أو غير المرغوب في توثيقها، من الإعلام الرسمي، يحتاج إلى شرح تفاصيل دقيقة، وعرض بعض القصائد، وجزل المعاني التي شهدها جيل من الأطفال، والصغار، والكبار آنذاك.
وعن استحداث "وظيفة المرشد السياحي"، لإبراز "الروح الوطنية"، فالسؤال المشروع والأهم إعلامياً ومهنياً: هل لدينا مرشد ثقافي اساساً ليقود الإعلام الأجنبي، والدولي، إلى تفاصيل السياسات، والإجراءات، بشأن الهوية الوطنية، والثقافية، وتاريخ الديمقراطية في الكويت.
نحتاج إلى مرشد ثقافي قبل المرشد السياحي ليدلنا إلى دور وزارة الإعلام، ورسالتها، وانجازاتها، بشأن الجزء الخاص في الهوية الوطنية، والتصدي للغلو الديني، والتناغم مع رسالة وزارة الداخلية في وسائل التواصل الاجتماعي، وليس جهة خارج سرب الحكومة.
ونحتاج إلى مرشد ثقافي يجيد ترجمة السياسات، والقرارات الأمنية الخاصة بالجنسية، والهوية الوطنية، وتاريخ الثقافة، والديمقراطية في الكويت بلغات العالم.
لا نعرف؛ هل يجوز استحداث وظيفة مرشد ثقافي قبل استحداث وظيفة مرشد سياحي، وجعلها أولوية سياسية قصوى في ظل التحديات، والحملات ضد الكويت؟
الكويت تملك المقومات الثقافية، والتاريخية، لكنها مُهملة، وربما غير مرغوب فيها من الإعلام الرسمي، الذي ضيع المهنية بقناة "إخبارية" لم تبلغ سن النضوج لاقتحام الإعلام العربي المتطور والمتخلف أيضاً، واجترار التصريحات في حين الوقائع والحقائق الثقافية مُهملة بفعل فاعل!
أما المعارض التجارية فهي لا تعكس رسالة ثقافية أو إعلامية، وهي مجرد فرص للتكسب من سخاء المال العام.
KAltarrah@