الاثنين 17 نوفمبر 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا رئيس سورية خذ عبرة من قيادة أنور  السادات
play icon
الافتتاحية

يا رئيس سورية خذ عبرة من قيادة أنور السادات

Time
الأحد 16 نوفمبر 2025
أحمد الجارالله

السياسة الواقعية هي ما تحتاج إليها سورية اليوم، التي عانت طويلاً من مغامرات سياسية، محلية وإقليمية، جلبت على شعبها معاناة لا يمكن التخلص منها إلا من خلال عمل دؤوب أقله لعشر سنوات كي تستعيد عافيتها.

لذلك، فإن النشاط الدولي للرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، خصوصاً انفتاحه على الغرب وأوروبا، كان ضربة معلم، إذ أدرك منذ البداية أن الشعارات لم تبنِ دولة حقيقية، إنما كانت مجرد أوهام عملت الأجهزة الحاكمة على تسويقها على أنها قناعات راسخة.

سورية في العقود الماضية لم تختلف عن غيرها من الدول العربية التي ابتُليت بأنظمة سمت نفسها ثورية، وبدلاً من تغيير الواقع الداخلي، لجأت إلى رفع شعار حق أريد به باطل، وهو "تحرير فلسطين"، فمنذ عام 1952، وانقلاب عبدالناصر على الملك فاروق، بدأت عملية غسل الأدمغة، من دون محاولة، ولو خجولة، لبناء دولة حديثة.

في هذا الشأن، علينا ألا ننسى أن مصر والسودان كانتا في الحكم الملكي دولة واحدة، ورغم شعار الناصرية "الوحدة العربية"، إلا أن الثورة قسمتها، فيما تلك الوحدة تحولت انقسامات في الموقف بين العراق وسورية، وكان الحزب الواحد "البعث" يحكمهما.

علينا الاعتراف بأن العرب لم تكن لديهم القوة لمواجهة قرار تقسيم فلسطين عام 1947، ولا هم اتحدوا في سبيل ذلك، وقد قبلوا واقعياً بإسرائيل، بينما استمروا في رفع شعارهم "تحرير فلسطين من النهر إلى البحر"، لكنهم تخلوا عن الضفة الغربية وقطاع غزة، والجولان، وكانت الحرب في العام 1967، أكبر فضيحة لهم، لا سيما للأنظمة المسماة ثورية حينها.

نكتب هذه الأسطر ربما تفيد الحكم السوري الحالي، كي لا يقع في المهالك التي وقعت بها الدول العربية، لأن بلاده اليوم بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد، ليس فقط لإعادة الإعمار، إنما من أجل إصلاح ما هدمته ممارسات حزب "البعث" السوري، وما تركه من إرث دموي وفتنوي، على غرار ما فعله شقيقه العراقي، الذي جعل من بغداد حالياً، التي كانت يوماً ما مركزاً عالمياً للعلم والثقافة، مزرعة تفريخ فتن طائفية، وتخضع لعملية "تفريس" ممنهجة.

طوال عقود من حكم "البعث"، تحولت دمشق، صاحبة الإرث الحضاري ومحطة رئيسة على طرق القوافل، إلى حاضنة لجماعات إرهابية، ما جعلها مدينة منبوذة، لذا ليس مستغرباً أن يحاصرها العالم كله، ويدعم الثورة التي أنهت ذلك الحكم الخبيث.

من هنا، فإن أول زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن منذ الاستقلال إلى اليوم تحمل دلالات عدة، ويجب أن تستغل عبر الانفتاح على العالم، كي لا تسقط سورية مجدداً في لوثة الشعارات والوطنية الزائفة.

من هنا نتحدث بصراحة، إن إسرائيل وجدت لتبقى، فالغرب وأوروبا يدعمانها بكل قوة، وهذا يعني أن يكون الحكم السوري حالياً على قدر من الواقعية، أخذاً بالمعطيات الجديدة، ويمتثل بالرئيس المصري الراحل أنور السادات، رحمه الله، الذي عرف منذ زمن طويل، أن المغامرات الطائشة لن تجلب لا الأرض ولا السلام لبلاده، لهذا تحمّل كل المصاعب حين سار في طريق السلام، وعمل بالمثل الشعبي "إن اليد التي لا تكسرها صافحها".

هذا هو الطريق اليوم أمام سورية.

لهذا نقول لأحمد الشرع: لا تلتفت إلى التخوين، الذي هو لغة عربية ممجوجة، فكل من سار في طريق الواقعية السياسية اتهم بالخيانة، منذ الحبيب بورقيبة، بينما الحقيقة ما فعلته كل من الأردن والإمارات والبحرين، فذلك قمة الواقعية، ولكي تستعيد سورية قوتها الاقتصادية وتنهي عذابات شعبها، عليها أن تسير في الطريق نفسه من أجل النهوض مجدداً.

آخر الأخبار