بالمرصاد
قرأت قبل ايام وبسعادة غامرة تصريحكم في جميع الصحف، والمتعلق باعطاء الصلاحيات الكاملة لبعض موظفي قطاع املاك الدولة لضبط جرائم التعدي على العقارات التابعة لهذا القطاع.
ولما كنت اتابع احد هذه العقارات بالم بالغ، ومنذ عقدين من الزمن، واحاول جاهداً اعادته الى وضعه القانوني في ادارة املاك الدولة، اتبعت في ذلك كل الطرق الممكنة، بداية من هذه الادارة نفسها ثم ديوان المحاسبة، وبعض اعضاء مجلس الامة، مروراً باكثر من وزير للمالية، ناهيك عن مقالاتي المتعددة في اكثر من جريدة بهذا الخصوص! وتبدأ الحكاية يا معالي الوزير مع بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، عندما وافقت حكومتنا الرشيدة على تخصيص ارض لبناء المبنى الرئيسي لما كانت تسمى "شركة الملاحة العربية المتحدة" التي تأسست عام 1976، بمشاركة خمسٍ من دول الخليج والعراق، واشترط نظامها الاساسي أن تتخذ من البلاد مقراً دائماً لها، بسبب تضحيتنا بخطنا الملاحي الوطني المعروف، آنذاك، بـ"شركة الملاحة الكويتية" التي كانت نواة لهذه الشركة الوليدة.
وتشاء الاقدار ان تتلاعب بمصير هذه الشركة الوليدة، رغم كل التسهيلات التي كانت تقدمها لها الكويت كدولة للمقر.
ولما كانت هذه الشركة لا تخضع لأي رقابة تذكر بسبب تدني مساهمة كل دولة فيها اي (اقل من 20 في المئة) لكل عضو مساهم، وكذلك غياب العناصر المهنية في مجلس ادارتها، فقد واصلت الترنح، حتى انتهت على مرحلتين الأولى عند هروبها الى دبي عام 2005، وبشكل مفاجئ ثم بيعها الى اكبر منافس لها آنذاك، وهي شركة "هاباك لويدز" الالمانية عام 2012، فكانت المفاجأة ان انتقلت ملكية هذا المبنى العائد لاملاك الدولة للألمان الذين لا يزالون يتمتعون بإيرادات استئجاره الى الغير، والذي بدأ منذ خروج تلك الشركة من الكويت عام 2005.
وقد كتبت حينها مقالة تحت عنوان "وللألمان في املاك دولتنا نصيب"، فقمت بتزويد نسخة منه لكل من يهمّه الامر، ولعل آخرها كان لمعالي وزيرة المالية السابقة مروراً بمعالي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية.وعليه فإن املنا بمعاليكم كبير لوقف هذا الوضع الشاذ، والعمل على اعادة انشاء الخط الملاحي الوطني للبلاد، باعتباره احد اقوى واهم البنى التحتية، بل والستراتيجية لكي نجعل الكويت بمنأى عن احتكار شركات النقل البحري الاجنبية خصوصا، اننا بلد مستورد من الدرجة الاولى، اضف الى ذلك اننا على ابواب تدشين احد اكبر الموانئ في المنطقة، الذي سيحتاج حتماً الى خدمته خط وطني يميّزه عن الآخرين.
كاتب كويتي