بدعم زيادة إنتاج النفط الخام والتحسن التدريجي في نشاط الأعمال وإسناد المشاريع
إحراز تقدم أكبر في الإصلاحات والمبادرات الحكومية يمكن أن يحسّن النمو ويعزز قوة التصنيف الائتماني للكويت
أفاد بنك الكويت الوطني انه من المتوقع أن يواصل النمو الاقتصادي اكتساب بعض الزخم في عام 2026، مدعوما بزيادة إنتاج النفط الخام، والتحسن التدريجي في نشاط الأعمال وإسناد المشاريع، إضافة إلى استقرار أكبر في إنفاق المستهلكين بعد فترة من الضعف. ويرجّح أن يتسع عجز المالية العامة في السنة المالية 2026/2027 نتيجة انخفاض أسعار النفط، رغم استمرار التوجه نحو ضبط الإنفاق الحكومي. وقد ساهم إصدار الدين العام في توفير مساحة تمويلية أكبر، مما عزز فرص زيادة الاستثمار في البنية التحتية. وتتركز المخاطر التي تواجه التوقعات في أسعار النفط، ونمو الاقتصاد العالمي، وتقدم الاستثمار والإصلاحات المحلية.
واضاف الوطني في تقرير حول اداء اقتصاد الكويت انه من المتوقع أن يزداد زخم النشاط الاقتصادي قوة العام المقبل، بعد أن سجّل الناتج المحلي الإجمالي نمواً إيجابياً في النصف الأول من عام 2025 (+1.3% على أساس سنوي) لأول مرة منذ عامين، مدفوعا بزيادة إنتاج النفط الخام وتحسن نشاط القطاع غير النفطي (+2.5% على أساس سنوي)، والذي دعمه ارتفاع معنويات أنشطة الأعمال، وارتفاع الإنفاق الاستثماري، وتيسير السياسة النقدية ، مشيرا الى أن ارتفاع الاستثمار من جانب الشركات والحكومة، والذي ظهر بوضوح في 2025 من خلال نمو قوي في الإقراض للشركات (6.1% على أساس سنوي في سبتمبر)، وزيادة مبيعات العقارات بنسبة تراكمية بلغت 28% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، إضافة إلى ارتفاع حجم إسناد المشاريع (في طريقها لمعادلة مستوى عام 2024 البالغ 2.6 مليار دينار على الأقل)، سيلعب دوراً مهماً في المرحلة المقبلة.
وتوقع الوطني نمو القطاع غير النفطي بنسبة 3.3% في عام 2026، مقارنة بـ 2.3% في عام 2025، وهو ما يتماشى مع قراءة مؤشر مديري المشتريات والتي أشارت باستمرار إلى توسع قوي (53 في عام 2025). أما نقطة الضعف فكانت في إنفاق المستهلكين (مقدراً من خلال بيانات معاملات بطاقات البنوك)، والذي تراجع في عام 2025، لكن هناك فرصة جيدة لبدء تحسنه في عام 2026، مما سيدعم النشاط غير النفطي. ولا تزال البيئة الخارجية تواجه تحديات، من نزاعات الرسوم الجمركية إلى التوترات الجيوسياسية، رغم أن أثرها المباشر على اقتصاد الكويت ينبغي أن يكون محدودا.
للمرة الاولى منذ عام 2022، يشهد قطاع النفط في الكويت زيادة في الإنتاج مع قيام مجموعة الدول الثمانية الأعضاء في مجموعة "أوبك +" (أوبك-8) بإلغاء شريحتين من تخفيضات الإمدادات الطوعية (+263 ألف برميل يوميًا للكويت) خلال الفترة 2023-2024 لاستعادة الحصة السوقية. وقد أوقفت مجموعة أوبك-8 زيادة الإمدادات في الربع الأول من 2026 وسط مؤشرات على فائض في السوق، لكن إنتاج الكويت من الخام سيبقى متجاوزاً 2.6 مليون برميل يوميًا في عام 2026، مما يعزز الناتج النفطي بنسبة 5.7% مقارنة بـ 2.4% في عام 2025. ومع قدرة إنتاجية حالية تبلغ نحو 3.2 مليون برميل يوميًا، تُعد الكويت من بين قلة من أعضاء أوبك+ القادرين على زيادة الكميات المنتجة للمساهمة في استقرار السوق في حال حدوث صدمة في الإمدادات.
أدى تركيز الحكومة على تحقيق أهداف رؤية 2035 ("كويت جديدة") إلى تحريك مشاريع بنية تحتية رئيسية، مثل ميناء مبارك الكبير، ومشروع محطة الزور الشمالية، والمدن السكنية. ولتعزيز الاستدامة المالية، أُعيد تسعير رسوم العديد من الخدمات، وأُدخلت ضريبة إضافية بنسبة 15% على الشركات متعددة الجنسيات، وأُقرّ قانون التمويل والسيولة (الدين العام) المؤجل منذ فترة طويلة، كما يقترب الانتهاء من قانون التمويل العقاري. وتدرك الحكومة أن وتيرة الإصلاح يجب أن تتسارع لتحسين بيئة الأعمال، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وتشجيع تطوير الصناعات غير النفطية، ورفع إنتاجية القوى العاملة. ومن الأهمية بمكان لرفع معدلات النمو المستدام في القطاع غير النفطي، عكس معدل الاستثمار المنخفض تاريخيا في الكويت مقارنة بنظرائها في مجلس التعاون الخليجي. ويمكن أن يوفر قانون الدين العام الجديد أو صندوق الاستثمار المحلي المقترح سابقًا موارد إضافية.
وبلغ التضخم 2.4% على أساس سنوي في يوليو 2025، ومن المتوقع أن يستقر عند متوسط 2.4% في 2026، مع تراجع الضغوط السعرية خاصة في فئات الغذاء والملابس. أما أسعار الفائدة المحلية فمن المتوقع أن تواصل اتجاهها نحو الانخفاض، وإن كان بوتيرة أبطأ من التيسير النقدي الأمريكي؛ إذ خفّض بنك الكويت المركزي سعر الخصم بمقدار 50 نقطة أساس فقط إلى 3.75% في الدورة الحالية، مقارنة بخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس.
من المتوقع أن يتسع عجز المالية العامة خلال السنتين الماليتين 2025 و2026 ليبلغ نحو 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط (مقابل -2.2% في السنة المالية 2024)، نظراً لاحتمال انخفاض أسعار النفط (65 دولار للبرميل في 2026) واستمرار محدودية الإيرادات غير النفطية. ومع ذلك، وفي إطار جهود ضبط المالية العامة، فمن المتوقع أن يشهد الإنفاق نمواً تدريجياً (بمعدل 1% سنويًا في المتوسط خلال 2025-2026) مقارنة بالسنوات السابقة، مع سعي الحكومة لكبح زيادة الأجور وأعداد الموظفين في القطاع العام وتحقيق مكاسب في الكفاءة. ونعتقد أن الإنفاق الرأسمالي سيحتاج إلى زيادة كبيرة لتحقيق أهداف خطة التنمية. أما الإيرادات غير النفطية، فسيتم تعزيزها من خلال الضرائب على الشركات وزيادة الرسوم والغرامات (بما يعادل نحو 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً)، في حين لا يزال تنفيذ الرسوم الانتقائية وضريبة القيمة المضافة (بقيمة إجمالية تصل لنحو 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي) قيد الانتظار. وقد وسّع قانون الدين العام خيارات التمويل وخفّف الضغوط على السيولة، إذ بلغت قيمة إصدارات الدين العام الإجمالية 5.5 مليار دينار حتى الآن في 2025، بما في ذلك إصدار سندات دولية شهد طلباً كبيراً (11.3 مليار دولار)، والذي يكفي حجمه وحده لتمويل عجز الموازنة لعامين كاملين وفق تقديراتنا. وارتفع الدين العام من 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 14%، لكنه لا يزال منخفضا جدا وفق المعايير الدولية.
واوضح التقرير ان المخاطر السلبية تتركز بالتوقعات في انخفاض أسعار النفط، والاضطرابات الجيوسياسية الإقليمية، أو ضعف نمو الاقتصاد العالمي المرتبط بالتوترات التجارية الناتجة عن الرسوم الجمركية. أما على الجانب الإيجابي، فإن إحراز تقدم أكبر في الإصلاحات والمبادرات الحكومية، مثل قانون التمويل العقاري المرتقب، والذي سيحفّز الطلب على الائتمان والقطاع السكني بشكل عام، وزيادة معدلات الاستثمار العامة، يمكن أن يحسّن بشكل ملموس آفاق نمو الاقتصاد ويعزز قوة التصنيف الائتماني للكويت.