أكدت وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة، ورئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، الدكتورة أمثال الحويلة، اليوم الخميس، التزام دولة الكويت الراسخ بحقوق الطفل وصون كرامته وحمايته من مختلف أشكال المخاطر، انطلاقًا من إيمان راسخ بأن الطفل هو أساس الحاضر وركيزة المستقبل.
جاء ذلك في كلمة ألقتها الحويلة خلال مؤتمر "تمكين الطفل: حق وليس خيارًا (مؤتمن)"، الذي تنظمه جمعية المحامين الكويتية بالشراكة مع المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، تزامنًا مع اليوم العالمي للطفل الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام.
وأوضحت الحويلة أن هذا المؤتمر ليس مجرد فعالية فكرية، بل رسالة وطنية تعكس اهتمام الدولة ببناء جيل واعٍ ومحصّن وقادر على المشاركة الفاعلة في صناعة مستقبل الوطن، استنادًا إلى اتفاقية حقوق الطفل والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وأضافت أن الدولة تسعى، تجسيدًا لهذا الالتزام، إلى تطوير التشريعات والسياسات والخدمات المتعلقة بالطفولة، من خلال مراجعة القوانين المرتبطة بالأسرة وحماية الطفل، وتعزيز المناهج التعليمية بما يدعم البناء القيمي والمعرفي للطفل.
وأشارت الحويلة إلى أن الجهود الحكومية تشمل توفير الدعم النفسي والاجتماعي مجاناً وسرياً عبر الجهات المختلفة، وتطوير منصات وخدمات نوعية للأطفال عبر الجهات الحكومية المعنية، فضلاً عن تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية في مجالات حماية الطفولة.
وأوضحت أن تمكين الطفل وحمايته يتطلب تكاتف جميع الجهات الحكومية والأهلية، مشيرةً إلى الدور الحيوي للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة الذي يقود السياسات الوطنية الأسرية ويعزز برامج الحماية والدعم.
وبينت الحويلة دور وزارة الشؤون الاجتماعية بما تضطلع به من مسؤوليات تشريعية وتنموية واجتماعية في تمكين الأطفال والأسر، إضافة إلى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة التي تولي اهتمامًا خاصا بالأطفال من ذوي الإعاقة، وتمكينهم وضمان حقوقهم وخدماتهم ومشاركتهم الكاملة.
ولفتت إلى أن التحديات المعاصرة، الرقمية منها والاجتماعية والنفسية، تزيد من أهمية العمل على تعزيز الوعي الأسري والرقابة الوالدية، وتوفير بيئة تعليمية واجتماعية آمنة خالية من العنف، ودعم مهارات الطفل الحياتية والإبداعية، وتمكينه معرفيًا ونفسيًا، وإشراكه في القرار بما يتناسب مع عمره ونضجه.
وأكدت الحويلة مواصلة العمل على تطوير منظومة حماية الطفل وتمكينه، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الاستثمار في الطفولة هو الاستثمار الأصدق والأعمق في مستقبل الوطن.
وشددت على أن دولة الكويت، بقيادتها السياسية الحكيمة، أولت حماية الطفل وتمكينه عناية خاصة، انطلاقًا من رؤية سامية تعتبر الإنسان محور التنمية وغايتها.
وأشارت إلى أن توجيه القيادة الرشيدة أكد ضرورة توفير بيئة آمنة وداعمة لكل طفل، وصون حقوقه، وتعزيز تربيته في أسرة مستقرة ومجتمع متماسك، بما ينسجم مع القيم الوطنية والإنسانية، ويعزز مكانة الكويت في الالتزام بالمواثيق الدولية المعنية بالطفولة.
وجددت الحويلة التأكيد على الالتزام بوضع مصلحة الطفل الفضلى كأولوية قصوى في جميع السياسات والبرامج، مثمنةً دور جمعية المحامين الكويتية والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في تنظيم هذا المؤتمر الذي يسهم في تبادل الخبرات وبلورة الحلول لحماية وتمكين الأطفال.
من جانبه، قال أمين سر جمعية المحامين الكويتية، خالد السويفان، في كلمة مماثلة ألقاها نيابة عن رئيس الجمعية، إن تمكين الطفل يعد جزءا لا يتجزأ من منظور وطني شامل يهدف إلى بناء جيل واعٍ قادر على النمو في بيئة تحترم حقوقه وتضمن سلامته.
وأكد السويفان أن الجمعية أولت اهتمامًا كبيرا بتطوير برامج نوعية عبر مركز شؤون الطفل، ترتكز على ثلاثة مسارات رئيسية: المسار القانوني لتعزيز الثقافة الحقوقية وتقديم الدعم للأسرة، المسار الوقائي عبر المبادرات التوعوية والتدريبية، والمسار التكاملي من خلال التعاون الوثيق مع الجهات الرسمية لتوحيد الجهود ووضع آليات واقعية للحماية والتمكين.
وشدد على أن حماية الطفل في "عصر السرعة" تتطلب أدوات حديثة، مشيرًا إلى تبني الجمعية رؤية للحماية الرقمية تعتمد على نظام رصد إلكتروني للحالات الخطرة، وإنشاء ملف رقمي موحد يسهل التدخل السريع ويحفظ البيانات.
وأضاف أن حضور المؤتمر هو تأكيد لواجب وطني تجاه الطفل الذي يحتاج إلى صوت وحماية، مشيرًا إلى سعي الجمعية لأن تكون ذراعًا تشريعية تدفع بقوانين أكثر عدالة، وشريكًا تنفيذيًا يعمل بشفافية مع مؤسسات الدولة، مجددًا التزام الجمعية بمواصلة العمل لبناء منظومة حماية متكاملة ترتكز على العدالة ومعيار المصلحة الفضلى للطفل.
من جهتها، أكدت رئيسة مركز شؤون الطفل التابع لجمعية المحامين الكويتية، حوراء الحبيب، أن مؤتمر "تمكين الطفل" يمثل رسالة راسخة تؤكد أهمية مد جسور التعاون بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، لفتح آفاق جديدة ترتقي بمنظومة حماية الطفل على المستويات القانونية والتشريعية والاجتماعية.
وقالت الحبيب إن اجتماع العقول المتخصصة من مختلف قطاعات الدولة والمجتمع المدني يشكل "سلسلة نور" تهدف إلى حماية الأطفال وتمكينهم وصناعة مستقبلهم.
وأشارت إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في تمكين الطفل من فهم القوانين التي شرعت لحمايته، وممارستها واستخدامها للدفاع عن نفسه، ليكون "شريكًا واعيًا في صناعة العدالة"، وليس مجرد متلقٍ للحماية.
وأضافت أن "الطفل الممكن هو بذرة تنمو بثقة، وشجرة تمتد جذورها في أرض ثابتة"، في وطن يؤمن بأن بناء المستقبل يبدأ من بناء الطفل، معربة عن تقديرها لجهود مركز الطفل في جمعية المحامين الكويتية لإنجاح هذا الحدث، الذي يعد عطاءً للوطن واستثمارًا في الإنسان وبداية عهد جديد للطفل المتمكن.
وشهد المؤتمر عقد ثلاث جلسات حوارية متخصصة، تناولت الأولى محور "التمكين القانوني والعدالة الصديقة للطفل"، واستعرضت الثانية "التمكين النفسي والصحي والاجتماعي والأمني للطفل"، وناقشت الجلسة الختامية "التمكين المؤسسي والنفسي والتربوي للطفل"، بمشاركة نخبة من المتخصصين وممثلي الجهات الحكومية والأهلية والدولية.