الجمعة 21 نوفمبر 2025
20°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
آراء طلابية

توقف القلب و"الموت الاكلينيكي" في ميزان القانون والشريعة

Time
الخميس 20 نوفمبر 2025
ناصر خالد المطوع
وجهة نظر

يُعدّ تحديد لحظة الموت من أهم الإشكالات التي واجهت القانون الحديث، خصوصاً مع تطور الطب وتقنيات الإنعاش الاصطناعي.

فبينما يُعرّف الطب الغربي الموت أنه "توقف كامل ونهائي لوظائف الدماغ"، ويرى الفقه الإسلامي أن الموت يتحقق بتوقف القلب والتنفس، وانفصال الروح عن الجسد، وهو أمر لا يمكن تحديده بالأجهزة وحدها.

من منظور شرعي، الروح هي جوهر الحياة، ومغادرتها للجسد هي الحدّ الفاصل بين الحياة والموت، أما توقف النشاط الكهربائي للدماغ، فهو حالة يمكن أن يُعاد منها المريض أحياناً، كما أثبتت بعض الوقائع الطبية.

لذلك، من غير الدقيق أن يُبنى عليها حكم نهائي بالوفاة، خصوصا إذا كان القلب لا يزال ينبض، ولو بمساعدة الأجهزة.

في المقابل، القانون في بعض الدول الغربية اعتمد "الموت الاكلينيكي" كأساس قانوني، مما أتاح رفع أجهزة الإنعاش والتصرف في أعضاء المريض كمتوف. لكن هذا التوجه يطرح تساؤلات جوهرية:

هل يجوز نزع الأجهزة عن مريض لا يزال قلبه ينبض، وهل يمكن اعتبار من لم تفارق روحه جسده "ميتاً" من الناحية الشرعية؟

الشريعة الإسلامية تنظر إلى الإنسان نظرة تكريمية لا مادية، فالإنسان ليس مجرد جسدٍ يُقاس بالأجهزة، بل روحٌ كرّمها الله، ولا تُسحب إلا بإذنه.

ومن هنا، فإن التسرع في إعلان الوفاة استناداً إلى "الموت الاكلينيكي" يتعارض مع مقاصد الشريعة في حفظ النفس، أحد أهم الضروريات الخمس التي قامت عليها الأحكام.

وفي النهاية، لا يمكن إغفال أهمية التقدم الطبي، لكن من الخطأ أن يُصبح العلم المادي هو المعيار الوحيد للحياة والموت.

فالقانون الذي يتجاهل البعد الروحي يفقد توازنه الإنساني، لأن الحياة لا تُقاس بالنبضات فقط، بل بما وراءها من روحٍ وإرادةٍ إلهية.

ناصر خالد المطوع

كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون

آخر الأخبار