الشاب واقف عند دريشة الديوانية يناظر شي ما وفجأة قال: "يا جماعة الخير أنتم ملاحظين شين ولا أنا اللي قلبي مقبوض"؟
الخبير وهو يرتشف القهوة: "بالله عليك متقولش ان أسعار البيض والجبنة زادت"؟
ضحك الشاب ضحكة صفراء، وقال: "من جاب طاري البيض يا مشفوح، اللي زادوا اعداد الكلاب، اعزكم الله، لدرجة بكل شارع صار قطيع، وبكل راس عاير نباح، وكل فريج صار له عصابة خاصة فيه، والله الواحد قام يخاف يطلع من بيتهم بالليل، الا بيده عجره أو معاه ونيس".
الشايب، وهو يضحك: "يأبوك مو له الدرجة، لنا سنين واحنا والكلاب متعايشين مع بعض، نمشي من بينهم، وما يحسون بوجودنا إلا إذا دقينا هرن".
الشاب رفع نبرة صوته شوي: "إيه بس الحين الوضع اختلف، صاروا يتمشون افواج كبيرة تخوف، وكأن الشوارع صارت لهم، لدرجة ان الواحد إذا مر عليهم يمشي بجنب الطوفة، وان حصل له وده يتغلغس داخلها لدرجة انه صار غريب بفريجه.
عندي احساس ان حنا يا معشر البشر راح ننقرض، وهُمّ يأخذون مكاننا، وبيوتنا، وسياراتنا، وحنا نفر الى جهة غير معلومة، ويمكن اللي يصيدونه منا راح يشغّلونه في بيوتهم خدم، وطبابيخ، وغسالين، وسواويق سيارات، وماهي بعيدة يتاجرون بأعضائنا، واللي ما يعجبه الوضع يحطونه بالسجن المخصص للبشر غير المتعاونين"!
المعاق وهو يحرك كرسيه الكهربائي لنص الديوانية: "أنا كل يوم أسوي مفاوضات معهم على الرصيف، كلب يبي مغ قهوة، والثاني يبي بطارية شحن، والثالث يبي افتح له حساب على الإنستاغرام واخوانه".
الرجل وهو يقلب بتلفونه: "السر عندكم بالامان، فيه إشاعة مصدرها الـ"تكتوك" تقول إنهم راح يخصصون لهم حدائق وممرات مشي وألعاب جيم، ومدارس تأهيل، وتعليم موازي، إلا وش يطلع التعليم الموازي؟ وأظن قريب بنشوف لهم تطبيق بالـ"سناب" اسمه نبّحني لتوصيل الطلبات".
المعاق وهو يرتجف من الخوف: "لا تستبعدون بعد كم سنة نسمع عن كلب عض إنسان، وتكون العقوبة على البني ادم، لأنه اقترب من ممتلكات الكلب الخاصة في بيته".
الخبير يتنحنح وهو يعدّل نظارته: "بصو يا حضرات، المشكلة مش فيهم، بل مننا، لان العملية ماتنضمنش لا تعقيم، لا جمع للكلاب الضالة لمتابعتها بشريحة إلكترونية، زي دول الشارع المتقدمة، ولا حلول جذرية، نوكلهم يوم، ونسيبهم بلا رقابة سنين، وبعدين نقول هما طلعوا من فين؟
حالنا بقي من حال اللي يربي نملة على السكر، ويستغرب لما تجيب وراها جيش نمل". ضحكوا الجماعة، لكن ابو الشباب رجع وقال: "أنا ما يهمني إذا الكلاب صارت بالشوارع، اللي يهمني إذا صاروا جيراننا، ودخلوا بيوتنا، وحطوا على باب كل غرفة ورقة مكتوب فيها: ممنوع دخول الإنسان إلا بإذن الكلب المسؤول".
وضحكت الديوانية، بس الحقيقة ما ضحكتنا كثير، عندها قال الشايب: "اللي ما يعالج المشكلة، وهي تهز ذيلها، يتفاجأ يوم تهاجمه وهي نايمة على سريره، وقبل لا اختم عندي ملاحظه صغيرة: أنتم مو ملاحظين ان فيه هدنة بين الكلاب والقطط برعاية ابوالعريص، اللي جنني ببيتي، وحتى اسألوا مكافحة القوارض، آه يا خوفي... آه يا خوفي من آخر الاجتماعات، آه يا خوفي على رأي العندليب".
المتمولس وهو يقهقه: "لعبتها انا من اليوم جاهز راح أفتح لهم بوتيكات، وبوتيك صغيرون اسمه أزياء الكلب المدلل، فيه أطواق مرصعة، وشامبو برائحة الفانيليا، وسناكات عضوية خالية من الجلوتين، وجهاز طارد للبني ادمين".
وفي هذه الأثناء، رفع على مسامعنا الشيخ زغلول أذان الظهر.
كاتب كويتي
[email protected]