يُعدّ كتاب "لا مستوطن ولا مواطن: صناعة الأقليات الدائمة وتفكيكها" للمفكّر الأوغندي- الهندي محمود ممداني، والد السياسي الأميركي زهران ممداني، الذي فاز أخيراً بمنصب عمدة نيويورك، واحداً من أكثر الأعمال السياسية المعاصرة جرأة في تفكيك البنية الأخلاقية والقانونية للدولة الحديثة. محمود ممداني هو أستاذ الأنثروبولوجيا ودراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا في جامعة كولومبيا، من مؤلفاته "لا مستوطن ولا مواطن"، "مواطن ورعية"، "عندما يتحول الضحايا إلى قتلة"، و"المسلم الصالح والمسلم الفاسد".
يجادل محمود ممداني في هذا السرد التاريخي للحداثة السياسية، بأن الدولة القومية والدولة الاستعمارية أنتجتا بعضهما البعض. وفي كل حالة حول العالم، من العالم الجديد إلى جنوب إفريقيا، ومن إسرائيل إلى ألمانيا إلى السودان، بُنيت الدولة الاستعمارية والدولة القومية بشكل متبادل، من خلال تسييس أغلبية دينية أو عرقية، على حساب أقلية بنفس القدر. الكتاب لا يكتفي بنقد الاستعمار بوصفه حدثاً من الماضي، بل يُظهر أن منطق الاستعمار ذاته لا يزال يشتغل في قلب الدولة القومية التي وُلدت معه، لا بعده.
يضع ممداني القارئ منذ الصفحات الأولى أمام أطروحته المركزية: "إن الاستعمار والقومية ليسا مرحلتين تاريخيتين متتاليتين، بل مشروعين متزامنين نشأ كل منهما من رحمٍ واحد عام 1492، لحظة سقوط الأندلس وبداية الغزو الأوروبي للأميركيتين".