رغم الألم ستبقى صوتاً لا ينكسر وقصة لا تنطفئ
مروة البحراوي
شهدت فعاليات ثالث أيام معرض الكويت الدولي للكتاب، أمسية ثقافية مميزة تمثّلت في حفل توقيع رواية "غزّة... بقايا أمل" للكاتب والطبيب السعودي الدكتور سلطان بن فهيد التمياط، في جناح مركز طروس لصناعة الوعي، وسط حضور كبير من محبي الأدب الإنساني والقرّاء والمهتمين بالقضايا العربية.
وتأتي الرواية ضمن سلسلة الإصدارات التي يقدّمها مركز طروس، حيث يقدّم فيها الدكتور التمياط عملاً إنسانيًا عميقًا يعكس روح الإنسان في مواجهة القسوة، ويتجاوز مشاهد الوجع ليرى ما وراءه، مساهمًا في تقديم مدخل حقيقي لفهم وجدان مدينة مازالت تقاوم رغم كل شيء.
ومن خلال سرد يجمع بين الخبرة الطبية والرؤية الإنسانية، يفتح التمياط نافذة واسعة على حياة غزة اليومية، وعلى تفاصيل التجربة التي يعيشها الإنسان المحاصر بين الخوف والأمل، بين الركام وبقايا الضوء.
وأشار التمياط خلال اللقاء إلى أن الرواية تحكي تجربة طبيب جراح دخل غزة متطوعًا مع إحدى المنظمات الإنسانية، ليعايش من الداخل معاناة الأطقم الطبية في ظل شح الإمكانيات ونقص الأدوية والمعدات، ويستعرض التمياط من خلالها مواقف خالدة من صمود المدنيين والمصابين، ومحاولات الأطباء إنقاذ ما يمكن إنقاذه بينما تتساقط القنابل من حولهم، لتبقى غزة رغم الألم صوتًا لا ينكسر وقصة لا تنطفئ، اذ تبرز شخصية الطبيب "عياد" بوصفها نموذجًا للإنسان الذي يلتقط خيط الضوء من بين رماد الألم ويحوّله إلى شهادة إنسانية نابضة بالحياة.
ولفت إلى أنه في سياق الرواية وما تحمله من شهادات إنسانية، يبرز الدور المحوري الذي يؤديه الأطباء في غزة بوصفهم خط الدفاع الأخير عن الحياة، فهؤلاء الجنود المجهولون يعملون في ظروف استثنائية تتجاوز طاقة البشر، بين نقص المعدات وانقطاع الكهرباء وازدحام غرف العمليات بالمصابين.
ورغم هذا الواقع القاسي، يواصل الأطباء أداء رسالتهم بإصرار نادر، يعالجون جراح الناس بمهارة ويمسحون آلامهم بإنسانية، ويحوّلون المستشفيات المحاصر إلى مساحات للأمل والمقاومة. إنهم ليسوا مجرد أطباء، بل شهود على الحقيقة، يحملون في وجوههم تعباً لا يلين، وفي قلوبهم إيمانًا راسخًا بأن إنقاذ حياة واحدة هو انتصار صغير في معركة كبيرة تخوضها غزة يوميًا من أجل البقاء.
وهو ما يعكس التقدير الكبير الذي يحظى به التمياط بين القرّاء والمهتمين بالشأن الثقافي والإنساني.
ويمتاز التمياط باهتمامه بالشأن الصحي العام، وبقدرته على توظيف خبراته الإنسانية والطبية في تقديم نصوص أدبية تحمل رؤى عميقة حول الإنسان ومعاناته وقدرته على النهوض.
واختتم مركز طروس دعوته للجمهور بالتأكيد على أهمية حضور مثل هذه الفعاليات التي تجمع بين الفكر والإبداع، وعلى قيمة اللقاء المباشر مع كتّاب يوثّقون التجارب الإنسانية بلغة قادرة على لمس الوجدان.