الاثنين 24 نوفمبر 2025
24°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
اختبارات الحمض النووي… هوس جديد يجتاح فرنسا لمواجهة الشيخوخة
play icon
منوعات

اختبارات الحمض النووي… هوس جديد يجتاح فرنسا لمواجهة الشيخوخة

Time
الأحد 23 نوفمبر 2025

تشهد فرنسا في الآونة الأخيرة موجة متصاعدة من الاهتمام باختبارات الحمض النووي، في ظاهرة تلجأ فيها أعداد متزايدة من الفرنسيين إلى تحليل جيناتهم خارج البلاد، في محاولة لاستشراف مخاطرهم الصحية المستقبلية وتأخير الشيخوخة. ورغم القيود القانونية الصارمة التي تمنع هذا النوع من الاختبارات خارج الإطار الطبي، تكشف صحيفة "لوفيغارو" في تحقيق حديث عن اتساع دائرة هذه الممارسات لدى فئات تسعى إلى التحكم في مصيرها البيولوجي.

تبدأ الصحيفة قصتها مع لويز إتشيغاراي، البالغة 39 عاماً، والتي أرسلت عيّنة من حمضها النووي إلى شركة أميركية لمعرفة احتمالات إصابتها بأمراض مزمنة في العقود المقبلة. النتائج — التي توقّعت احتمال إصابتها بالسكري في الستين والتنكس البقعي في الخامسة والسبعين — شكّلت صدمة دفعتها إلى تبنّي نمط حياة صارم: رياضة يومية، الامتناع عن السكر، والتعرض المنتظم للضوء الطبيعي، في محاولة لإبطاء مسار الشيخوخة كما تعتقد.

ورغم أن القانون الفرنسي لا يسمح إلا بالاختبارات الجينية الطبية المرتبطة بتشخيص الأمراض الوراثية، كما توضح الطبيبة كريستين لوي-فادّات، فإن كثيرين يلجأون إلى مختبرات خارجية أو إلى عيادات خاصة في الخارج. ومن بين هؤلاء توماس (47 عاماً)، الذي خضع لاختبار شامل في هيوستن كشف "قابلية قوية" لديه للإصابة بأمراض القلب، ليعود إلى باريس ويعيد بناء حياته حول الرياضة، والصوم المتقطع، وأنظمة المراقبة الصحية الدقيقة.

هذا "الهوس الجيني"، كما تسميه بعض التحليلات، بات يرسّخ ثقافة جديدة في المجتمع الفرنسي. فبحسب شارلوت كالفِه غرانِه، مؤسسة نادي "ثقافة طول العمر"، أصبح "السعي لزيادة سنوات الحياة الصحية هدفاً اجتماعياً يكاد يتحول إلى عقيدة". أما الفيلسوف إمانويلي كلاريزيو فيرى أن تصاعد الفردانية والخوف من التراجع الجسدي يدفع الناس إلى محاولة السيطرة على مستقبلهم البيولوجي.

ويبرز التحقيق حالة أخرى لامرأة تُدعى ماريان (52 عاماً)، اكتشفت عبر اختبار خارجي أنها تحمل جين APOE المرتبط بارتفاع خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وبعد تجاوز الصدمة الأولى، تحولت نتائج الاختبار إلى "مشروع حياة"، فاستثمرت ما يقارب ألف يورو شهرياً في التغذية الوقائية، والتمارين الذهنية، وبرامج المتابعة الطبية.

وفي المقابل، يحذر مختصون من مخاطر هذه الاختبارات عند إجرائها خارج الإشراف الطبي. ويشير الدكتور فابريس ديني، أخصائي السرطان ومؤسس معهد الوقاية وطول العمر، إلى أن النتائج غير المنضبطة قد تثير الذعر أو تقود إلى قرارات صحية خاطئة، لكنه يؤكد في الوقت نفسه الإمكانات الهائلة للطب الجيني في الوقاية المبكرة، ومنها تجنب جلطات يمكن التنبؤ بمسبباتها الوراثية.

وفي محصلة التقرير، يبدو أن لويز توقفت عن السكر، وتوماس يراقب قلبه بدقة، وماريان تدرب ذاكرتها يومياً… وفي الخلفية يتنامى سؤال أكبر:
هل أصبح المستقبل الصحي للبشر يُقرأ من شيفرتهم الوراثية؟ أم أن السعي إلى السيطرة على الشيخوخة وهم جديد تخلقه التكنولوجيا؟

آخر الأخبار