هناك لحظات لا تُقاس بالوقت، بل بما تتركه في القلب من أثر… ولحظةٌ كهذه، تجلّت في مبادرة رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم الشيخ أحمد اليوسف الصباح، حين مدّ يده بإنسانية صادقة نحو مشجع من ذوي الهمم، فتكفّل بسفره ورفيقيه إلى قطر، ليلتحقا بمدرج الأزرق في مباراته الحاسمة أمام موريتانيا. لم تكن المبادرة مجرّد تسليم تذاكر، ولا ترتيب رحلة، بل كانت رسالة حبّ تُكتب على جبين الرياضة الكويتية. وكأن الشيخ أحمد اليوسف الصباح يقول للعالم بصوت لا يُخطئه القلب: "إن للكويت أبناءً لا يُتركون خلف الأسوار، بل يُحملون إلى الفرح كما تُحمل الأماني على أكفّ الدعاء".
وما أجمل أن تُسلّم التذاكر على الدرجة الأولى؛ فالكرامة لا تُنزل إلا في المقامات الرفيعة، ومن يرفع علم الكويت بقلبه… يستحق أن يُرفَع في كل مقام.
ولم يقف الأمر عند ذلك؛ إذ واصل الشيخ أحمد اليوسف الصباح مساعيه لتأمين طائرة رابعة، وكأنه يصرّ على ألا يُحرم قلب واحد من نبض المدرجات، ولا يُحجب هتاف عن رحلة الأزرق نحو المجد. إنه الإيمان بأن الجماهير ليست مجرد أصوات، بل هم الحناجر التي تهتف، والقلوب التي تحب، والأجنحة التي تُحلّق بها المنتخبات في سماء البطولات.
وهنا لا يمكن أن ننسى أبطال الكويت من ذوي الهمم، مثل طارق القلاف صاحب الذهب الذي علّم العالم معنى الشموخ، وفيصل سرور الذي حمل علم الكويت في ميادين القوة كأنه يحمل وطناً كاملاً على كتفيه، وفيصل الراجحي الذي جسّد في مشاركاته أن الإرادة يمكن أن تهزم المستحيل.
هؤلاء وغيرهم هم الوجه المضيء للعزم الكويتي، والمدرسة التي يتعلّم منها الشباب معنى التصميم.
أما ذوو الهمم، فهم القصيدة التي لا تُكتب بالحروف بل بالإصرار، وهم الذين علّمونا أن العجز ليس في الجسد، بل في القلب حين يتوقف عن الشغف.
وأن الإرادة حين تشاء بعون الله تُفتّت الصخور وتُنبت للأمل أجنحة. إن وجود أحدهم في المدرجات خلف المنتخب ليس حضوراً عادياً، بل هو شاهدٌ على أن الكويت وطنٌ يتسع للجميع، وأن الرياضة ليست لعباً فقط، بل رابطاً يربط القلوب ببعضها، وحكاية يكتبها الناس قبل أن يكتبها اللاعبون.
وفي ختام هذه اللوحة الإنسانية المضيئة، لا يسعنا إلا أن نقول شكراً… شكراً لكل يد تُمسك بيد، لكل قلب يعرف معنى الرحمة، ولكل مسؤول يرى في منصبه سُلّماً يُرفع به الناس لا باباً يُغلق أمامهم. شكراً للشيخ أحمد اليوسف الصباح، لأنه أعاد إلينا جمال الموقف، ونقاء الفكرة، ولأنه جعلنا نؤمن أن "الإنسانية"… هي أجمل انتصار تحققه الرياضة.
كاتبة كويتية