تعد حماية الملكية الفكرية ركيزة أساسية من ركائز النظام التشريعي في الكويت، إدراكا من الدولة بأهمية حماية الحقوق الفكرية للمؤلف، والمبتكر، والمخترع، وصاحب الإبداع في أي مجال من مجالاته، فهي تمنح هؤلاء حقوقاً حصرية على انتاجهم الفكري أو الفني، أو في المجال الصناعي تمكنهم من الاستفادة الاقتصادية والمعنوية من حصيلة إنتاجهم.
ويمكننا القول ان الكويت قد أرست منظومة قانونية متكاملة لحماية الملكية الفكرية، من أبرزها قانون رقم 75 لسنة 2019، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والذي يحمي الأعمال الأدبية والفنية والعلمية، بما في ذلك الكتب والبرامج والموسيقى والأفلام والتصوير، ويشمل الحقوق المالية، والاستفادة التجارية من المنتج الفكري.
ومن أبرز قوانين تلك المنظومة أيضا القانون رقم 71 لسنة 2013 الخاص بتطبيق نظام براءة الاختراع لدول "التعاون" الخليجي، ومن أبرز معالمه منح الحماية لمدة 20 عاماً للمخترعين بعد استيفائه الشروط المطلوبة من الجدة والابتكار والقابلية للتطبيق.
وهناك قانون رقم 13 لسنة 2015 بشأن الموافقة على قانون العلامات التجارية الموحد لدول "مجلس التعاون" الخليجي، والمعني بتنظيم وتسجيل العلامات التجارية وحمايتها من التقليد، أو الاستخدام من دون إذن مالك العلامة التجارية، إضافة إلى العديد من الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الكويت لتضيف لقوانينها الوطنية بعدا دوليا تناسقا مع القوانين العالمية في شأن حقوق الملكية الفكرية وبراءة الاختراع.
وتعد الشركات بأنواعها وأصحاب العلامات التجارية من أبرز المستفيدين من هذه المنظومة القانونية لحماية الملكية الفكرية في الكويت، سواء في ما يتعلق بحماية الاختراعات، الصناعية والتقنية، أو الحفاظ على الهوية التجارية.
فالشركات الأجنبية حين تفكر في الاستثمار في دولة ما، فإنها تبحث أولا عن منظومة قانونية تضمن حماية علاماتها التجارية وتقنياتها المبتكرة وأسرارها الصناعية، ولا شك أن امتلاك الكويت لمثل هذه المنظومة المتكاملة يطمئن المستثمر إلى أن حقوقه مصانة ومحمية بالقانون، مما يشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والإنتاج والإعلام، وغيرها من المجالات الإبداعية.
في المقابل، فإن ضعف الحماية القانونية للملكية الفكرية في أي دولة يؤدي إلى نتائج عكسية، كالعزوف عن الاستثمار، وانتشار القرصنة التجارية، وتراجع الابتكار، وغياب المنافسة العادلة، لذلك فإن استمرارية تطوير التشريعات والرقابة القانونية أمر ضروري لتعزيز الإطار التشريعي المحلي، ومواكبة المستجدات العالمية المتسارعة في مجال حماية الملكية الفكرية والإبداع. وبالإضافة إلى أهمية حفظ حقوق المبدعين، وأصحاب الأعمال في مجالاتهم، هناك أيضا للمجتمع حق لا يجب إغفاله، والمطلوب من القانون هنا أن يحقق توازناً عادلاً بين حقوق الملكية الفكرية ومصلحة المجتمع العامة، وهو ما يمثل تحديا قانونياً كبيراً ليس في الكويت فقط، إنما في النظام القانوني العالمي الساعي إلى حماية حقوق الملكية الفكرية.
أخيرا، لا يمكننا إغفال الدور التوعوي في هذا السياق، إذ إن حماية الملكية الفكرية لا تتحقق فقط بالقوانين، بل تحتاج إلى وعي مجتمعي بأهميتها، فالمؤلف أو المبرمج أو الفنان أو صاحب العلامة التجارية جميعهم بحاجة إلى معرفة حقوقهم وسبل حمايتها، كما أن الجمهور بحاجة إلى فهم أن احترام حقوق وجهود الآخرين هو واجب قانوني لدعم الجوانب الإبداعية والتنمية الاقتصادية في بلده.
محام كويتي