بعد رفض المحكمة الدستورية الطعون المقدمة ضده
سليمان الدليجان:
- تأثير جزئي للقانون... والسوق العقاري محكوم بضعف القدرة الشرائية
- خطوة مفصلية لكنها ليست كافية لتسمح للمواطن بتملك السكن الخاص
عبدالرحمن الحسينان:
- الانخفاض محدود... وقرار المحكمة برفض الطعن لم يفاجئ ملاك الأراضي
- نحتاج إلى تفعيل أدوات تمويل جديدة حتى يصبح المواطن قادراً على الشراء
مروة البحراوي
في أعقاب رفض المحكمة الدستورية الطعون المقدمة ضد قانون 126 لسنة 2023 بشأن مكافحة احتكار الأراضي الفضاء أمس، تباينت آراء خبراء العقار حول حجم تأثير القانون على تصحيح الأسعار وتحريك السوق العقاري، لاسيما في القطاع السكني الذي يشكل مصدر القلق الأكبر للمواطنين.
وقال الخبير العقاري سليمان الدليجان لـ"السياسة" أن تطبيق قانون"الأراضي الفضاء" يعد خطوة مفصلية لكنها ليست كافية لتمكين المواطنين من تملك السكن الخاص، لافتا الى أن القانون بالرغم من اهميته لضبط حركة السوق العقاري، إلا أن معالجة الملف العقاري مرتبطة بتطبيق حلول متكاملة وتشريعات وقوانين أخرى أبرزها قانون الرهن العقاري وتحرير الأراضي وإعادة النظر بقانون البناء السكني لمعالجة الفجوة بين القدرة الشرائية والدخل الفعلي للمواطن.
واضاف إنه بالرغم من انخفاض أسعار الأراضي الفضاء خلال عام 2025 بنسبة تتراوح بين 5 إلى 15%، إلا ان رفض الطعون المقدمة ضد قانون الأراضي الفضاء لا يكفي لتصحيح الأسعار بالشكل الذي يناسب الملاءة المالية للمواطن، إذ إن متوسط أسعار البيت الواحد يقدر بنحو 340 ألف دينار والأرض 300 ألف دينار، وبالطبع هذا المبلغ يتعدى القدرة الشرائية للمواطن بكثير، خصوصا مع تأثير تراكم الطلبات الاسكانية لسنوات طويلة والتهام الايجارات أكثر من 25% من راتب المواطنين.
واكد الدليجان أنه بالرغم من تحصين القانون من قبل المحكمة الدستورية ودخوله حيز التنفيذ اعتبارا من يناير 2026، إلا أن طبيعة السوق العقاري تخضع للعرض والطلب، وبالرغم من كثرة المعروض من الأراضي السكنية مؤخرا، إلا ان الطلب عادة ما يرتبط بالتجار وليس المواطن العادي لانه لايزال غير قادر على شراء السكن الخاص، لذا أرى أن تأثير قرار المحكمة الدستورية سيكون جزئيا وليس كليا.
وأوضح أن المواطن سيكون أمام خيارات محددة، إما البيع او التطوير وبناء العقارات التي تزيد عن 1500 متر، وفي هذه الحالة هل سيشمل التطوير البناء وفقا للاشتراطات وزارة البلدية والجهات الأخرى ذات الصلة؟ أم سيلجأ البعض إلى تسجيل عقاراتهم بأسماء آخرين تجنبا للرسوم التصاعدية؟ وهل صدرت اللائحة التنفيذية للقانون ؟ وهل تتوجه الحكومة إلى تطبيق قانون الرهن العقاري على القسائم السكنية العادية أم تقتصر على القسائم السكنية التابعة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية؟ فالاجابة على هذه التساؤلات هي التي ستحدد ملامح السوق ومساره خلال الفترة المقبلة.
من جانبه اتفق الباحث في الشأن العقاري عبد الرحمن الحسينان مع رأي الدليجان بشأن التأثير الجزئي للقانون على أسعار السكن الخاص، مؤكداً أن قراءة السوق الواقعية لا تبرر توقعات الانخفاضات الحادة أو الدراماتيكية في الأسعار، وقال: "لا أتوقع هبوطاً كبيراً في أسعار السكن الخاص، ومن غير الدقيق ما يروّج له البعض عن انخفاض يصل إلى 50% خلال الفترة المقبلة، صحيح أن القطاع شهد خلال عام 2025 تراجعاً بمعدل 20%، لكن بعد رفض الطعن على قانون الأراضي الفضاء، لن يتجاوز الانخفاض الإجمالي 25%، أي أن التأثير الإضافي المتوقع لا يزيد عن 5% فقط، وهذا ما يؤكد أن التصحيح السعري لن يعيد السوق إلى المستويات القديمة التي يطالب بها المواطن".
وأكد الحسينان لـ"السياسة" أن حكم المحكمة الدستورية أدى إلى حراك غير متوقع في القطاعين "التجاري" و"الاستثماري"، إلا أنه لم يربك السوق ولم يخلق صدمة عند الملاك، فعلى النقيض، توقع العديد من ملاك الأراضي رفض الطعن منذ وقت مبكر، وقد بدأوا الاستعداد له فعلياً، سواء ببناء القسائم بناءً يتوافق مع الاشتراطات البلدية، أو بإعادة ترتيب محافظهم العقارية بما يقلل من تعرضهم لرسوم الأراضي الفضاء.
وأشار إلى أن هذه الاستعدادات السابقة للقرار عملت كعازل للسوق، قائلا: "السوق اليوم أكثر نضجاً من مرحلة الصدمة، وهناك عقلانية في السلوك الاستثماري، ولهذا لن نشهد موجة هروب أو بيع عشوائي، وإنما تحركات محسوبة ومدروسة".
وأكد أن التغيير الحقيقي يحتاج خطوات متوازية أخرى، فتطبيق قانون الأراضي الفضاء خطوة مفصلية، لكنها ليست وحدها كافية لتمكين المواطن من تملك السكن الخاص، إذ إن المعادلة تحتاج إلى تفعيل أدوات تمويل جديدة، وإعادة هيكلة سياسة إدارة الأراضي، لكي يصبح المواطن قادرا على الشراء.