الجمعة 28 نوفمبر 2025
24°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
مجلس الوزراء... نحتاج معاملة علمية لا عاطفية
play icon
كل الآراء

مجلس الوزراء... نحتاج معاملة علمية لا عاطفية

Time
الخميس 27 نوفمبر 2025
عبدالعزيز محمد العنجري

تستمر تصريحات مجلس الوزراء حول تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، وجذب الاستثمارات، وتحسين بيئة الأعمال. وكالعادة، يضطر كثيرون للمجاملة والاحتفاء بالوعود الجديدة. نحن مع الطموح، ونستمر في التفاؤل، لكننا سئمنا من الشعور بوجوب التصفيق في غير محله. فمحاولات إصلاح "الخطوط الجوية الكويتية"، على سبيل المثال فشلت، بل إن خسارتها جاءت مع انكماش دورها، وتقلّص حجم شبكتها، وتراجع حضورها وغياب منافستها الإقليمية.

وهناك أمثلة أخرى لا تقل وضوحاً. فقد فشلت الدولة في قطاعات التأمين الصحي، والنقل العام، وشركة المواشي، وإدارة المرافق العامة، والمشروعات السياحية.

وحتى مشروعات حالية قيد التنفيذ، لا يزال تتخللها مشكلات جوهرية تحتاج إلى مقالات. لكننا لسنا بصدد نشر الغسيل، بل بصدد تبيان أساس الخلل بمنطق دون تجريح ولا تهويل.

وعليه، يبدو الإعلان الأخير عن "الشركة الكويتية للتخزين" تكراراً للنهج القديم نفسه في محاولة إعادة اختراع العجلة، بينما الخلل الحقيقي أكبر وأعمق.

وفي الوقت الذي تتكاثر فيه البيانات الرسمية، التي تتحدث عن "إصلاحات هيكلية"، ولا نشك في صدق النوايا، وعن "تحول نوعي"، و"قفزات في الاستثمار الأجنبي"، لا يزال الواقع الاقتصادي لا يعكس هذه التصريحات، التي تبقى إلى الآن مجرد أمانٍ وتطلعات صادقة.

فالكويت لا تزال الأدنى خليجياً في الإنفاق الرأسمالي، وفي جذب الاستثمار الأجنبي، وطرح المشروعات التنموية العملاقة، ولا توجد بيانات أو إحصاءات منشورة تبرهن على تحسن نوعي في بيئة الاستثمار أو في جذب رؤوس الأموال.

من الضروري أن تُبنى الخطابات الحكومية على بيانات قابلة للقياس والمراجعة، لا على لغة التفاؤل وحدها، حتى لا تتحول الفجوة بين القول والفعل إلى عنصر إضافي من عناصر الإحباط العام.

وقد أثبتت التجارب أن الخصخصة المدروسة، أو الشراكة مع القطاع الخاص، تنتج نتائج أفضل بكثير من الإدارة الحكومية المباشرة. ولنا في الإمارات والسعودية خير مثال، حين حولتا مرافق عامة إلى شركات تجارية تخضع للرقابة والمنافسة الحرة، فارتفعت كفاءتها وقيمتها السوقية، وتحولت حصص الدولة الصغيرة فيها إلى عوائد أكبر مما كانت تحققه، عندما كانت تملك هذه المرافق بالكامل.

وبناء على ذلك، يصبح المنطقي هو أن تصحح الدولة علاقتها مع الشركات الخاصة القائمة، وتحفيز الشراكات المهنية، بدلاً من إنشاء كيانات حكومية جديدة تزيد العبء، وتعيد إنتاج الإخفاق المضمون.

وحتى لو كان يُعاب على بعض الشركات الخاصة أنها استفادت في السابق من مزايا حكومية غير مستحقة، فإن كلفة إصلاح العلاقة معها، ووضع إطار عادل وشفاف، للحاضر والمستقبل، أقل بكثير من كلفة تصنيع منافس حكومي لن ينجح... لن ينجح... لن ينجح.

بل إن أبسط المختبرات العلمية في العالم، وهي تسعى لإيجاد علاجات لأمراض الإنسان، في هدف يعد من أسمى أهداف البحث العلمي، تخضع إلى حدود صارمة من المنهجية والانضباط.

فإذا كانت التجارب على الفئران والقرود تُدار بإطارات واضحة وقواعد دقيقة لضبط التجربة، وتوثيق النتائج، وتقييم التأثير، وتقليل الخطأ، ومراجعة المسار فور اكتشاف أي خلل، بما يقلل فرص الفشل، ويزيد احتمالات النجاح، فكيف نقبل أن تُدار مؤسسات دولة كاملة تؤثر في حياة الناس، بمنهجية أقل صرامة وتدقيقاً من مختبر؟

@Abdulaziz_anjri

آخر الأخبار