حوارات
أعتقد أنّ المرء العاقل، وبخاصة المحنّك اجتماعياً، يُتَطلّب منه، في عالم اليوم المضطرب، التعامل بشكل منطقي ومتوازن مع ما يتعرّض له في العالم الخارجي، لا سيما أثناء تعامله مع الشخصيات المختلفة. فلا يمكن مثلاً أن يصرّ أحدهم على التعامل بجلافة مع شخص يتعامل معه بلطافة، والعكس صحيح، ولذلك يُتطلّب ممّن يريد عيش حياة معتدلة ومتوازنة، ومستقرة نفسياً، ومجزية بالنسبة له، أن يتعامل مع الآخر وفقاً لما يستحق، وبموجب ما يقتضيه الأمر والموقف، (جلافة أو لطافة)، ومن بعض الأمثلة في هذا السياق، نذكر ما يلي:
-الجلافة مع الأجلاف: الشخص الجلف يكون عادة غليظ الطبع، وأحياناً كثيرة ثقيل الدماغ، وغالباً ما يكون جلف الأسلوب في تعامله مع الناس، ولا يفهم، غالب الوقت، أنّ أسلوبه الجلف يشحن قلوب الآخرين ضدّه، ويمنع تعاملهم اللّين معه، وربما يستعديهم.
ولا يمكن للمرء العاقل أن يستمر في تعامله اللّطيف مع هكذا نفر أحمق، لأنهم لا يفهمون سوى لغة الغلظة والوقاحة، وقلّة الحياء والعنف اللّفظي، والجلف لا يمكن إصلاحه بسبب أنه يختار بإرادته الحرّة أن يكون جلفاً وغليظ الطبع، وليس مطلوباً من الانسان السوي إصلاحه، بل التعامل معه وفقا لما تقتضيه جلافته. -اللّطافة مع اللطفاء والمهذّبين: الانسان اللّطيف، في عالم اليوم المضطرب، هو شخص قوي الشخصية، ومتحكّم وضابط لذاته، ويصرّ على أن يكون حسن الأخلاق في بيئة لا يروج فيها حسن الأخلاق، فلطف التعامل مع الناس لا يدلّ على ضعف في الشخصية، بل يكشف عن ثقة استثنائية بالنفس، ومن يختار أن يبقى مهذّباً ودمث الخلق، رّغم مما يتعرّض له أحياناً من مضايقات من بعض الأجلاف، يدرك أنّ الأغلبية في المجتمع تحترم وتقدّر الانسان لطيف الطبع ومهذّب الأخلاق، وتمتعض من الجلف غليظ الدماغ والطبع.
-الجلافة والحياة الفاشلة: أعتقد أنّ الكائن البشري الجلف سيكون دائماً فاشلاً حياتياً بسبب أنه جاهل اجتماعياً، وبسبب أنّه يختار أن يستعمل أسلوب تعامل غليظ وعنيف مع الناس، وستستمر حياته كئيبة حتى يرجع الى رشده، ويتوقّف عن غيّه.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@