- إرساء نهج مؤسسي يقوم على تفعيل آليات التشاور وتكثيف التنسيق وتسريع وتيرة تنفيذ القرارات
أكد وزير الخارجية، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد الله اليحيا، اليوم السبت، أن رئاسة دولة الكويت للدورة الحالية شكلت محطة بارزة في مسيرة العمل الخليجي المشترك، وجسدت بوضوح رؤية القيادة السياسية الحكيمة في ترسيخ التكامل الخليجي وتعزيز الأمن الإقليمي.
وقال الوزير اليحيا، في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة قرب اختتام رئاسة دولة الكويت للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن "دولة الكويت من خلال رئاستها للدورة الحالية جسدت أيضًا رؤية القيادة السياسية الحكيمة في تعزيز حضور المجلس على الساحتين الإقليمية والدولية باعتباره ركيزة للأمن والاستقرار والازدهار".
وأضاف أن "دولة الكويت حرصت منذ تسلمها مهام الرئاسة على إرساء نهج مؤسسي راسخ يقوم على تفعيل آليات التشاور، تكثيف التنسيق، وتسريع وتيرة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري، بما يعزز فاعلية مؤسسات المجلس ويرسخ قدرته على مواكبة التحولات المتسارعة على الصعيد الإقليمي والدولي".
وأشار الوزير اليحيا إلى أن الدورة الحالية لمجلس التعاون شهدت زخمًا غير مسبوق، إذ اتسمت بكثافة الأنشطة والاجتماعات الخليجية المنعقدة على مختلف المستويات، من اجتماعات وزارية دورية إلى لجان فنية متخصصة، أسهمت جميعها في تعزيز وحدة الصف الخليجي وتثبيت المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، قائلاً إن "المجلس تمكن خلال هذه الدورة من تفعيل أدوات الدبلوماسية الوقائية وتطوير آليات التنسيق السياسي بما يعزز دوره كمنصة فاعلة لمعالجة ومواجهة عدد من الأزمات والتحديات".
وأوضح أن الرئاسة الكويتية منحت الملف الاقتصادي أولوية متقدمة باعتباره أحد أهم أعمدة المستقبل الخليجي المشترك، إذ ركزت الجهود على تسريع استكمال مشروع "السوق الخليجية المشتركة" و"الاتحاد الجمركي"، وتعزيز الانسيابية في حركة رؤوس الأموال والسلع والخدمات، وتهيئة بيئة اقتصادية أكثر تنافسية وجاذبية لدعم الاستثمار والتنمية في دول المجلس.
وأضاف الوزير اليحيا أن "الرئاسة الكويتية أولت اهتمامًا خاصًا لقضايا الأمن الغذائي والمائي والطاقة المتجددة، إدراكًا لكونها عناصر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة"، مشيرًا إلى أن دولة الكويت دعمت المبادرات الخليجية الرامية إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتعزيز الجهود في التصدي لتحديات التغير المناخي.
وفي الشأن السياسي، أكد الوزير اليحيا أن مجلس التعاون حافظ خلال هذه الدورة على صلابة موقفه وثبات رؤيته تجاه القضايا الإقليمية، والتي اتسمت بالتماسك والوضوح والاتزان، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية ظلت على رأس الأولويات، إذ تبنى المجلس موقفًا ثابتًا يدعو إلى وقف العدوان على غزة فورًا وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم الجهود الدولية لإحياء مسار السلام وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية.
وفي الملف اليمني، شدد الوزير اليحيا على أن المجلس يواصل دعم الجهود الأممية الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة اليمن وسيادته ويحقق الأمن والاستقرار لشعبه، وينهي معاناته وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن رقم 2216، مؤكدًا أن "مجلس التعاون يظل منبرًا فاعلًا في دعم الدبلوماسية الوقائية والحوار السلمي كنهج ثابت في سياسته الخارجية".
وحول لبنان، أكد اليحيا ثبات مواقف مجلس التعاون للوقوف معه وتقديم الدعم المستمر للحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره، مشيرًا إلى دعم المجلس لمسار الإصلاح وبناء الدولة اللبنانية بما يحقق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق. أما في الملف السوداني، فأكد الوزير اليحيا دعم مجلس التعاون لكافة المبادرات والجهود الإقليمية والدولية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار في السودان، مشيرًا إلى قلق دول المجلس البالغ حيال استمرار القتال وتدهور الأوضاع الإنسانية، ودعا أطراف النزاع المسلح إلى الامتثال للقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، مع ضرورة تغليب لغة الحكمة ووقف المواجهات بما يحقق أمن واستقرار هذا البلد الشقيق.
وفي الشأن السوري، قال الوزير اليحيا إن دول المجلس أعربت عن استعدادها لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية بما يسهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية للشعب السوري، انطلاقًا من مسؤولية عربية مشتركة تجاه مستقبل سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها.
وأوضح الوزير أن فترة الرئاسة الكويتية شهدت زخمًا دبلوماسيًا فاعلًا تجسد في عقد قمم ومحافل دولية مهمة عززت الحضور الاستراتيجي لمجلس التعاون، من أبرزها القمة الخليجية – الأمريكية التي انعقدت في 14 مايو الماضي بالرياض، ومثلت محطة هامة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة، حيث تناولت سبل تعزيز التعاون في مجالات الأمن الإقليمي والطاقة والابتكار والاقتصاد الرقمي، إضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية، والتأكيد على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق المشترك بما يخدم مصالح الجانبين ويسهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وأشار إلى أن قمة مجلس التعاون – آسيان، والقمة الثلاثية لمجلس التعاون – آسيان – الصين، اللتين عقدتا في 27 مايو الماضي بكوالالمبور، مثلتا محطة أساسية في مسار التعاون الخليجي – الآسياني، إذ تناولتا سبل تعزيز التكامل الاقتصادي، سلاسل الإمداد، وتوسيع مجالات التعاون في الطاقة، الاستدامة، والابتكار الرقمي، مؤكداً أن مشاركة مجلس التعاون في هاتين القمتين جاءت ترجمة لرؤية الكويت الداعية إلى تنويع الشراكات والانفتاح على التكتلات الآسيوية الصاعدة.
وأضاف أن الكويت بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجلس التعاون استضافت كذلك في الخامس والسادس من أكتوبر الماضي الاجتماع الوزاري المشترك الـ29 بين المجلس والاتحاد الأوروبي، ومؤتمر الحوار والأمن بين الجانبين، اللذين شكلا خطوة متقدمة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية في التجارة والاستثمار والطاقة المتجددة، والأمن الإقليمي، وتيسير حركة الأفراد، وتعزيز الحوار السياسي بين الجانبين.
وأكد الوزير اليحيا أن الرئاسة الكويتية حرصت كذلك على استضافة اجتماعات خليجية نوعية أخرى هدفت إلى تعميق التنسيق السياسي، توحيد المواقف، وتعزيز الأداء المؤسسي، بما يعكس التزام الكويت الراسخ بدعم العمل الخليجي المشترك.
وأشار إلى أن منظومة الأمن والدفاع المشترك شهدت خلال هذه الدورة تطورًا ملموسًا في مجالات التنسيق العملياتي، تبادل المعلومات، والتمارين المشتركة، بما يعزز القدرات الجماعية في مواجهة التحديات الأمنية المستجدة.
وشدد على أن الرئاسة الكويتية أكدت حرصها على البعد الإنساني والثقافي من خلال دعم المبادرات الإغاثية، والاهتمام ببرامج الشباب والتعليم والثقافة، وتعزيز الهوية الخليجية المشتركة، وتيسير تنقل المواطنين، وتطوير الخدمات الاجتماعية الموحدة.
وقال الوزير اليحيا إن "دولة الكويت ستظل متمسكة بدعم مسيرة مجلس التعاون، إيمانًا منها بأن هذا الكيان يشكل ركيزة استراتيجية للأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وأن وحدة الصف الخليجي وتماسك الموقف المشترك يمثلان الدعامة الأساسية في تحقيق تطلعات شعوب دول المجلس نحو مزيد من الازدهار والتقدم".
وأعرب عن خالص تمنياته القلبية للأشقاء في مملكة البحرين بمناسبة توليها رئاسة الدورة الـ46 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، والتي تنطلق أعمالها في الثالث من ديسمبر المقبل، وأن تكلل جهودها بالتوفيق والسداد في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك.