حديث الافق
الأطباء للملك: علاجك الوحيد حصولك على كبد إنسان
الملك متعجباً: لماذا تضحك وقد أوشكت على الهلاك؟!
فتحت البطريركية الأرثوذكسية أبوابها لإطعام الجياع
والدا الفتى أغراهما المال فوافقا على قتل ولدهما
إذا مت وأنا مريض خيرٌ لي من أن أقتل نفساً زكية
رفع الرغيف وسأل موزع الخبز: هل كُتب عليه للمسيحيين؟
مرض ملكٌ مرضاً خطيراً واجتمع الأطباء لعلاجه، ورأوا جميعا أن العلاج الوحيد هو حصوله على كبد إنسان فيه صفات معينة ذكروها له.
فأمر رجال مملكته بالبحث عن فتى تتوافر فيه الشروط المطلوبة. وعندما وجدوه، أرسل الملك إلى والدي الفتى وحدثهما عن الأمر وأعطاهما مالاً كثيراً فوافقا على قتل ولدهما ليأخذ الملك كبده، ويُشفى من مرضه.
ونادى الملك القاضي وسأله: هل قتل هذا الفتى حل ليتداوى الملك بكبده، فأفتى القاضي الظالم بأن قتل أحد من الناس، ليأخذ الملك كبده ليشفى به جائز.
أُحضر الفتى ليُذبح ذبح الشاة، وكان الملك مطلاً عليه، فرأى الغلام ينظر إلى جلاده ثم يرفع عينيه إلى السماء ويبتسم، فأسرع الملك نحوه وسأله متعجباً: "لماذا تضحك وقد أوشكت على الهلاك"؟
فقال الفتى: "كان يجب على والدي أن يرحما ولدهما، وكان يجب على القاضي أن يعدل في قضائه، وكان على الملك أن يعفو، أما أبي وأمي فقد غرّهما طعام الدنيا، فسلّما لك روحي، والقاضي سألته فخافك، ولم يخف الله، فأحل لك دمي. وأنت يا سيدي، رأيت شفاءك في قتل بريء، ولكل هذا لم أر ملجأ لي غير ربي، فرفعت رأسي إليه راضياً بقضائه، وأعلم أن الله أرحم بي من أبويّ اللذين تركاني، فمتاع الدنيا قليل، وقاض الأرض أشكوه إلى قاضي السماء، وأنت يا ملك الدنيا، ملكك لن يدوم، فهناك الحي القيوم، يأتي بحق كل مظلوم".
فتأثر الملك من قول الفتى، وبكى، وقال: "إذا مت وأنا مريض خير لي من أن أقتل نفسا زكية"، ثم أخذ الفتى وقبّله وأعطاه ما يريد، وقيل بعد ذلك إنه لم يمضِ على هذه الأحداث أسبوع حتى شفي الملك من مرضه.
المجاعة والبطريرك الرحيم
في الحرب العالمية الأولى، وقعت مجاعة "سفر برلك"، التي حصلت في لبنان، ففتحت البطريركية الأرثوذكسية في دمشق أبوابها لإطعام الجياع، وللوافدين من بيروت، دون تمييز بين دين ودين، أو مذهب، فسعر القمح أصبح مرتفعاً جداً ومن النادر وجوده، وهذا ما دفع البطريرك غريغوريوس حداد إلى رهن أوقاف البطريركية والأديرة السورية كلها، وباع مقتنيات وأواني الكنيسة الذهبية والفضية، حتى يشتري القمح، وينقذ أرواح الناس من الجوع، وكان كل من يحضر إلى الكنيسة المريمية يأخذ رغيف خبز كل يوم دون سؤاله عن ديانته.
وفي يوم، اشتكى المسؤول عن توزيع الخبز من كثرة عدد المسلمين الذين يحضرون لأخذ الخبز، وأن عددهم أصبح أكثر من عدد المسيحيين.
رفع البطريرك الرغيف عالياً بين يديه، وسأل موزع الخبز: هل كتب عليه للمسيحين فقط؟
فأجابه: "لا"، فقال له البطريرك عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل إنسان يريد.
وفي يوم من الأيام، حضر فقير يطلب من البطريرك حسنة، فسأله أحد المرافقين للبطريارك عن ديانته، فأثار حفيظة البطريرك، وقال له: هل تمنع عنه الصدقة إذا كان من غير ديانتك، ألا يكفيك ذل أنه مد يده إليك، لتذله بسؤالك عن عقيدته؟
وعندما توفي البطريرك، بكى عليه المسلمون قبل المسيحيين، ويقال مشى في جنازته ثمانون ألف مسلم، وكان المسلمون يسمونه "أبو الفقراء".
عظة مقاتل لأبي جعفر المنصور
دخل مقاتل بن سليمان على الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور، فقال له المنصور: "عظني يا مقاتل".
فقال: "أعظك بما رأيت، أم بما سمعت"؟
فقال الخليفة: "بل بما رأيت".
فقال: "يا أمير المؤمنين، إن الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز أنجب 11 ولداً وترك 18 ديناراً، كفّنوه بخمسة دنانير، واشتروا له قبرا بأربعة، ووزعوا الباقي على أبنائه.
والخليفة الأموي هشام بن عبدالملك أنجب 11 ولداً، وكان نصيب كل ولد منهم ألف ألف دينار.
والله يا أمير المؤمنين، لقد رأيت في يوم واحد، أحد أبناء عمر بن عبدالعزيز يتصدق بمئة فرس للجهاد في سبيل الله، ورأيت أحد أبناء هشام يتسول في الأسواق، وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت: ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟
فقال تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك، فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى".
نكشات
قالت الأعراب إن أحقاد المرء تظهر في مزاحه، فعند المزاح كن فطناً وأصغِ جيداً ربما تسمع الحقيقة، وتعرف مسار صاحبك.
* * * *
يقولون إن نكتة الغني مضحكة، حتى وإن كانت سمجة، طبعاً، وإذا لم يسمع منك كلمات إطراء تسعده حتى لو كانت سخيفة، فلن تكون من جلسائه.
* * * *
كل المحللين السياسيين هاربون من المعارك، لكنهم أبطال في نشرات الأخبار، والتحليلات، والستراتيجيات، والناس تسمع لهم، والعاقل وحده الذي يحذر منهم.
* * * *
عندما يتغنى بك شخص، ويؤكد لك أنه يحبك كما يحب نفسه، فتذكر حب قابيل لهابيل، والله المستعان، فما أكثر الكذابين.