الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
11°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
أيها المتكبر... أنت مريض نفسي
play icon
كل الآراء

أيها المتكبر... أنت مريض نفسي

Time
الأربعاء 10 ديسمبر 2025
محمد الفوزان
قصص إسلامية

طلب صناديد قريش من رسول الله (صلى الله عيه وسلم) أن يُخَصِّصَ للكُبراء مجلساً، وللفقراء مجلساً، يُجالسهم فيه منعاً من التلاقي بين الفريقَيْن، وذلك بسبب كبر نفوسهم.

فعن خباب (رضي الله تعالى عنه) قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع صهيب، وبلال، وعمار، وخباب، قاعداً في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مَجْلساً، تعرف لنا به العرب فضلنا، فإنَّ وُفُود العَرَب تأتيك، فنسْتحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا، فاقعد معهم إنْ شئتَ، قال: "نعم"، قالوا: فاكتُبْ لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بصحيفة، ودعا علياً ليكتب، ونحن قعود في ناحية، فنزل جبرائيل( عليه السلام) فقال: "وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ"(الأنعام: 52).

الكبرُ داءٌ من أشرسِ الأمراض النفسية والاجتماعية، التي تقوض بنيان المجتمع، وتَمْحق الأُجُور والحسنات، وتنذر المستكبرين بالسقوط من عَيْن الله والناس؛ لذلك فَهُم في أمسِّ الحاجة إلى جرعاتٍ من الدواء الناجع، الذي يُذْهِب هذا الطاعون المهْلِك من نُفُوسهم، ولو كان مُرّاً، ويقودهم إلى بَرَكات التواضُع ولو قسْراً، حتى يقيموا جُسُور الحب الصادق، والود الحقيقي مع خلق الله.

والكِبْر، كما قيل عنه: رؤية النفس فوق الغَيْر في صفات الكمال، وهو عبارة عن شُعُور داخليٍّ، مخادعٍ لصاحبه، يملؤه بالاسْتعلاء على الناس، وبذرته في القلب؛ كما قال الله تعالى: "إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ"(غافر: 56)، وأشمل ما عُرف به هو ما جاء في الحديث: "بطر الحقِّ، وغَمْطُ الناس"(1)؛ أي: رفض الحق، واحتقار الخلق.

وأهل الكبر دائماً في شقاءٍ وعناءٍ؛ فهم يقاسون مشاعرهم الداخلية عن الخلق وانحطاطهم، كما يصور لهم خيالهم المريض، وعن منزلتهم الموهومة في مُخيلاتهم، ويقاسون انعدام المخلصين وانفضاضهم من حولهم، فمِن فطرة الله في خلْق الناس أنهم لا يحبُّون مَن يتكَبَّر عليهم.

س: كيف تتصرف مع شخص متكبر على من هو أفضل منه؟

أولاً الكبر مرض نفسي يحتاج إلى جلسات علاج عند اختصاصيين نفسيين.

إذا كان هناك شخص متكبر على من هو أفضل منه، فالتعامل معه يحتاج حكمة وهدوءاً، لأن التكبر أخلاق مذمومة وقد تفسد العلاقات.

وهنا بعض التوجيهات العملية:

1 - تجاهله وعدم مجاراته. لا تحاول أن ترد عليه بالأسلوب نفسه، لأن التكبر يولّد العناد، بل كن متواضعاً، فتواضعك يُظهر له الفرق بين الكِبر والخلق الحسن.

2 - بيّن له الفضل بالعمل لا بالكلام، أحياناً أفضل رد على المتكبر أن يرى بعينه أن التفوق الحقيقي في الأخلاق والعلم والعمل، لا في الغرور أو المظاهر.

3 - ادعُ له بالهداية. لأن الكِبر مرض قلبي، ولا يزول إلا برحمة الله، فقل: اللهم اهده واصلح قلبه.

4 - ابتعد إن كان يؤذيك

إن استمر في تكبره واستخفافه بالناس، فالأفضل أن تبتعد عنه ولا تدخل معه في جدال لا طائل منه، قال تعالى: "وأعرض عن الجاهلين".

امام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار