تربينا في الكويت على مناصرة المظلومين، واصحاب الحق الذين يكافحون من اجله، لهذا كانت مناصرة المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي عنوانا دائما لدى الكويتيين كافة، على اختلاف مشاربهم، وميولهم الفكرية، كذلك كانت مناصرة الكفاح الجزائري، وتحرير سيناء، وغيرها الكثير من القضايا القومية والاسلامية.
ولان القيم العربية والاسلامية هي التي صقلت هذا التوجه، ايدنا المقاومة في لبنان ضد العدو الاسرائيلي، على اختلاف مسمياتها، منذ العام 1982، لأننا كنا نرى فيها كفاحاً من اجل حرية الارض والشعب، لهذا في العام 2000، كانت فرحة الشعب الكويتي باندحار العدو الاسرائيلي من جنوب لبنان، ربما توازي فرحته بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
ايضا كان انتصار المقاومة اللبنانية في العام 2006 كبيراً جداً، لكن في المقابل تحول إلى خيبات عدة منذ العام 2011، حين رأينا ميليشيا "حزب الله" اللبناني تغير بوصلتها، إذ بدلاً من مقاومة العدو الاسرائيلي جعلت سورية مفرمة لحم لآلاف السوريين، وكانت عصا للجزار النظام الاسدي.
حين تتخلى اي قوة عن الحق، او ترفع شعارات حق يراد بها باطل، فإن ثمة علامات استفهام كثيرة ترسم في ذهن الناس عن حقيقة العقيدة السياسية لهذه القوة، وهنا لا اتحدث على العقيدة الدينية، إنما عن الاهداف الستراتيجية لوجود جماعة مسلحة، كانت في فترة من الفترات تعمل على مقاومة عدو، وقتاله مشروع، ثم انقلبت على ذلك، واصبحت بندقية للايجار، تطلق النار على المحبين لها، والمساندين لها الطبيعيين، إذا امرها مشغلها بذلك.
لا شك أن هذا التغيير في النظرة إلى بعض فصائل المقاومة اللبنانية، كان بعد أن انغمست بالدم السوري، واليمني، والخليجي في وقت ما، خصوصا عندما اصبح "حزب الله" يتصدر المشهد، وانكشف حين تحول اداة في يد قوى اقليمية، لذا عندما رأيت صورة قائد اركان "حزب الله" هيثم الطبطبائي المنشورة في اغلب مواقع التواصل الاجتماعي، وهو في اليمن، كان سؤالي: كيف يقبل "مقاوم" قتل عربي، او بريء، وهل العجز العربي هو من سوغ العمالة للاخر، ايا كان هذا الاخر؟
اذكر جيدا أن في السبعينات من القرن الماضي، وفي اوج الحرب الاهلية اللبنانية ثار الكثير من اللبنانيين على القيادي الفلسطيني صلاح خلف عندما قال:"إن تحرير القدس يمر عبر جونية"، إذ رأى، حتى الحلفاء للمقاومة الفلسطينية، آنذاك، بهذه العبارة اشبه بغلاف لاحتلال مقنع.
هذه المقولة وغيرها الكثير من الشعارات من هذا النوع حكمت السلوك السياسي لبعض القوى العربية، وبعض فصائل المقاومة العربية، ومنها "حزب الله" حين تخلى عن مهمته الوطنية في الدفاع عن الارض، وذهب إلى سورية، والعراق واليمن، بل وصل إلى البوسنة في مرحلة من المراحل، لذا فإن الكثير من الحقائق التي بدأت تتكشف تدفع المراقب إلى عدم اتخاذ موقف ما قبل التأكد من الخلفيات.