الجمعة 12 ديسمبر 2025
20°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
هذا يحب الوطن...  وذاك يبيعه
play icon
كل الآراء

هذا يحب الوطن... وذاك يبيعه

Time
الخميس 11 ديسمبر 2025
أحمد الدواس
مختصر مفيد

زار الإمبراطور الألماني غليوم الثاني دمشق في عام 1898، فخرجت المدينة عن بكرة أبيها، واستقبلته استقبالا حافلاً، وخلال الاستقبال، وعند مدخل القلعة، لاحظت الإمبراطورة زوجة غليوم حماراً أبيض جميلاً فأثار انتباهها، وطلبت من والي دمشق حينها مصطفى عاصم باشا أن يأتيها به، لكي تأخذه معها ذكرى الى برلين.

راح الوالي يبحث عن صاحب الحمار، وكان يُدعى أبو الخير تللو، فطلب إليه إهداء الحمار الى زوجة الإمبراطور فاعتذر.

غضب الوالي، وعرض على أبو الخير شراء الحمار، لكنه أصر على الرفض، وقال: "يا أفندينا، لدي ستة رؤوس من الخيل الجياد، إن شئت قدمتها كلها الى الإمبراطورة هدية دون مقابل، أما الحمار فلا".

استغرب الوالي هذا الجواب، وسأله عن السبب.

رد تللو مبتسماً: "سيدي إذا أخذوا الحمار الى بلادهم ستكتب جرائد الدنيا عنه، وسيسأل الناس من أين هذا الحمار؟ فيردون على السائل: من الشام، ويصبح "الحمار الشامي" حديث كل الناس، وربما معرضاً للسخرية، ويقول الناس هل يُعقل ان إمبراطورة ألمانيا لم تجد في دمشق ما يعجبها غير الحمير؟ لذلك لن أقدمه لها، ولن أبيعه".

نقل الوالي الخبر للإمبراطور والإمبراطورة فضحكا كثيرا، وأعجبا بالجواب، وأصدر الإمبراطور أمره بمنح تللو وساماً رمزياً.

العبرة:

هناك ناس يخافون على سمعة بلادهم من أن تمسها الألسن بالسوء، وهناك حمير تبيع البلد بما فيه.

وطالما أننا نتحدث عن حب الوطن، هناك من الدول ما يتفكك بسبب التفريط بالوحدة الوطنية فتسقط الدولة، ودول اخرى اضطر حكامها الى استخدام القوة المسلحة للحفاظ على البلد.

فقد كنت أعمل في سفارتنا الكويتية في بلغراد في بداية ثمانينات القرن الماضي، وتوقعت ان تتمزق يوغسلافيا مستقبلاً، وعندما أبلغت زملائي الديبلوماسيين بذلك في عام 1985 سخروا من هذا الرأي.

وبالفعل فقد تمزقت يوغسلافيا في أوائل التسعينات من ذلك القرن الى جمهوريات مختلفة، وقد بنيت رأيي هذا عندما لاحظت ان رئيس الدولة جوزيف تيتو كان قد استطاع توحيد أقاليم يوغسلافيا المختلفة في دولة واحدة، لكن بعد وفاته في شهر مايو 1980 تأججت بين اليوغسلاف روح الكراهية والتعصب العرقي.

وهناك من الدول من تفرض سلطة القانون باستخدام القوة العسكرية من اجل المحافظة على الوحدة الوطنية، فسيريلانكا، استطاعت توجيه ضربة قاصمة لـ"حركة تحرير التاميل" الانفصالية التي أدخلت البلاد في حرب أهلية عام 1983، وقضت الحكومة على هذا التمرد في عام 2008، فانتهت الحرب الاهلية، واستقر الوضع والأمن في البلاد.

[email protected]

آخر الأخبار