"الديوانية اليوم على غير العادة صَخّة، هدوء غريب، كأن أهلها بفترة سلام يسبق العاصفة!
دخل الخبير، وهو ماسك تليفونه ويقراأ خبر عن معرض الكتاب في إحدى الدول العربية، وفجأة قال بصوت مسموع: "يا جماعة بطلوا ده واسمعوا ده يا وقعة سودا!
باعوا في معرض الكتاب 35 ألف سندويتش طعمية، 42ألف شاورما، 15 ألف شِبس، 55 ألف كولا، و1600 كتاب بس"!
الرجل مسك نظارته يمسحها بطرف ثوبه، وهو يقول: "احلف 1600 كتاب مو 16 ألف"؟
قال له الخبير: "وحياة قلبي وافراحه، مالك على حلفان، ولا كمان مصوّرين الفاتورة".
المعاق دخل عرض بالسالفة وقال: "ما دام بايعين هالعدد معناته معرض الأكل أفود من معرض الكتب، ترى يقولون سندويش المشكل اليوم صار يعلّم أكثر من الكتاب، تاكله وإنت ماشي وبعد كم دقيقة تقول: الحياة شنهي من أكل، وين درب الفراش وينه يا جويرة؟
وقبل تحط راسك على المخدة، تنقنق باقي الكيس من شبس وسبال وتختم ببيبسي، ثم تقلب فواتير المطاعم: هم غلبوك ولا إنت غالبهم"؟
الشاب اللي شايف نفسه وزير ثقافة الديوانية دخل على الخط بكل ثقله وقال: "المشكلة مو بالكتب، المشكلة بوعي الشعب نفسه، ندخل المعرض كأننا داخلين ماراثون، جريت وجاريت، وحتى شي ما عزيتو فيك، زحمة والنفَس بالحسرة.
الواحد إذا خذا شهيق، ياخذ معاه شوي من زفير اللي جدامه، والهوا عاد على حسب نصيبك يكون إعادة تدوير، مرات ريحة بصل وثوم، ومرات قهوة مخمّرة من قبل أمس، وفي النهاية سيلفي عند بوابة المعرض، وتشتري كتاب "تعليم الخط"، وملصقات ستكر للجهال يلزقونها على الثلاجة وبيبان البيت".
الشايب هز راسه امتعاضا: "لا بارك الله في أمة تطبّل للمطاعم أكثر من الكتب، بس مثل ما قالوا الجوع سلطان، والكتاب يا اهل المعرض لو تبونه يفوز حطوا عليه عرض: اشتر كتاب وخذ شاورما مجانا"!
الخبير شرب قهوته وقال: "بعض الأحبة الزوار ما يفكروش يشتروا كتاب، لان كل همهم يصوروا سنابات عشان الناس تعرف إنهم من الطبقة المتنورة، والدليل على صدق قولي نقلها لي صديق شاف واحد يصور كتاب بإيده ويقول:"متابعيني أنصحكم فيه…
وهو لا شراه، ولا فتحه، ولا يعرف عنوانه! مجرد أعجبه شكله وحطه بالستوريات"!
المتمولس طاح كن الضحك، وقال وهو ماسك بطنه: "من فوايد العزوبية إنك تنزل من السرير من الجهتين".
وفي هذه اللحظة، رفع الشيخ زغلول أذان الظهر، وسكتت الديوانية كعادتها مع الأذان.
كاتب كويتي
[email protected]