في مقالة سابقة وردت فقرة أن المواطن الكويتي لن يقبل بمنزل مساحته 250 متراً، وقد اخذتها خدمة اخبارية من السياق العام وجعلتها عنوانا.
اولا اشكر تلك الخدمة على ذلك، وعلى التفاعل مع هذه الجملة، فقد وردت إليَّ الكثير من ردود الفعل، لان العبارة مأخوذة من نص طويل، وللتوضيح عندما قصدت ذلك في المقالة السابقة، كنت اعبر عن حقيقة، ماثلة إلى اليوم امامنا في بعض مناطق الكويت، لا سيما المطلة على الدائري الاول، ومنها الشامية.
إذ حين اعادت الدولة التخطيط لتلك المناطق، كان القرار أن تصبح القسيمة 250 متراً، مع عدم وجود خدمات وبنية تحتية تناسب الكثرة السكانية، فإذا كانت العائلة يومها مكونة من اب وام وابن وابنة، فهي كبرت، وكبر الاولاد، وبالتالي اصبحت الحاجة إلى التوسع، فعلى سبيل المثال، صارت الاسرة تلك تمتلك اربع سيارات، واحدة لكل فرد منها، ولأن التخطيط لم يلحظ ذلك، باتت هناك ازمة مواقف سيارات.
صحيح أن بعض المواطنين رفضوا ذلك، وبقيت المساحة 500 متر، لكن هناك قسائم اصبحت مساحتها 300 متر، ومنها مقتطع 12 او عشرة امتار، اي ليس كاملة الزوايا، فيما تحولت المنطقة إلى مزدحمة كثيراً، لان الارتداد ليس كافياً، وغيره من العوائق الكثيرة التي ظهرت لاحقا.
لذا حين اقول إن المواطن في الدول الاخرى يمكنه السكن في منزل مساحته 250 متراً، لان هناك بنية تحتية تساعد على ذلك، أما لدينا عندما تفرض، مثلا، الرعاية السكنية على الاسر الحديثة، أن تكون مساحة المنزل بهذا القدر، ومن دون بنية تحتية مناسبة، ولا تأخذ بالحسبان زيادة عدد افراد الاسرة المتوقع يقينا في وقت لاحق، وكذلك التطور العمراني والخدماتي، فمن الطبيعي ألا يقبل المواطن السكن بمثل هذه المساحة، ولاسيما لو كان من سكان المناطق الجديدة النائية في الوفرة والمطلاع وغيرهما.
مثلاً، إلى اليوم لا توجد بنى تحتية متكاملة في اغلب المناطق الجديدة، لا جمعيات تعاونية ومدارس، او مستوصفات، ولا حتى مخافر، وغيرها الكثير من الخدمات الضرورية للناس، لهذا لن يقبل المواطن السكن في تلك البيوت الصغيرة.
لكن إذا كانت هناك خدمات، وبنية تحتية حديثة ومراعية للزيادة السكانية المتوقعة، وكذلك التطور المدني، لا شك أن المواطن صاحب الاسرة الصغيرة اليوم، الكبيرة لاحقا، سيقبل ذلك، فهناك الكثير من الازواج حديثي الاسر الصغيرة يقبلون بذلك إذا توافرت لهم تلك الخدمات، وهؤلاء يريدون الحصول على بيت العمر، لكن بما يخدم اسرهم.
هذا ما قصدته في الفقرة التي وردت في مقالة "رفاهية المواطن... بين الإمارات والكويت" المنشورة في هذه الصفحة بتاريخ السابع من الشهر الجاري.