قلدت الجمهورية الفرنسية، ممثلة في وزارة الثقافة، اليوم الأحد، الشيخة الدكتورة سعاد الصباح وسام الفنون والآداب برتبة ضابط، تقديرًا لما اضطلعت به ثقافيًا وفكريًا في مسيرتها بفرنسا وحول العالم.
وقال سفير فرنسا لدى البلاد، أوليفييه غوفان، لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) خلال مراسم التقليد، إن "الشيخة سعاد الصباح من الشخصيات الاستثنائية التي أسهمت في ترسيخ قيم الحرية والكرامة الإنسانية والدفاع عن قضايا المرأة والشباب، فيما تجاوز صوتها الشعري والفكري الحدود الجغرافية ليصل إلى القارئ العالمي".
وأضاف غوفان أن الشيخة سعاد الصباح "من أوائل الأصوات النسائية الخليجية التي أسهمت في إغناء الشعر العربي الحديث، حيث مزجت في أعمالها بين العمق الإنساني والوعي الاجتماعي والالتزام بالقضايا الكبرى، وقد ترجمت دواوينها الشعرية إلى لغات عدة من بينها الفرنسية، وحققت صدى واسعًا لدى القراء حول العالم".
وأشار إلى إسهاماتها في مجالات الفكر والاقتصاد والعمل الثقافي، فهي "أول امرأة كويتية تنال درجة الدكتوراه في علوم التنمية والتخطيط"، كما أسهمت عبر كتاباتها ومواقفها في تعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي وتوثيق محطات مهمة من تاريخ دولة الكويت.
ولفت أيضًا إلى تأسيسها دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع، ثم مؤسسة سعاد الصباح للإبداع الفكري، اللتين شكّلتا منصتين داعمتين للإبداع العربي وأسهمتا في تشجيع أجيال من الكتاب والباحثين والمبدعين، مؤكّدًا أن "الثقافة تمثل قوة فاعلة للتغيير وليست مجرد ترف فكري".
وذكر السفير الفرنسي أن تكريم الشيخة سعاد الصباح يأتي "تقديرًا لمسيرتها الإبداعية والفكرية المتميزة والتزامها الدائم بخدمة الثقافة وحرية الفكر والحوار بين الشعوب"، مضيفًا أن هذه المناسبة تمثل محطة مهمة في مسار التعاون القائم بين دولة الكويت والجمهورية الفرنسية، لاسيما في مجالات الثقافة والعلوم.
ولفت إلى أن "هذا التكريم يوفر فرصة لبناء مزيد من الشراكات بين البلدين بالتعاون مع الدكتورة الشيخة سعاد الصباح، كما يبعث برسالة إيجابية إلى جميع الكويتيين المهتمين باللغة الفرنسية والأدب والعلوم، مفادها أن فرنسا حريصة على توسيع مجالات التعاون والصداقة مع الشخصيات الثقافية والفكرية الفاعلة في دولة الكويت".
بدورها، أعربت الشيخة سعاد الصباح عن بالغ الشكر والاعتزاز بتقلدها وسام الفنون والآداب الفرنسي برتبة ضابط، معتبرة أن هذا التكريم لا يخصها شخصيًا بقدر ما يمثل تقديرًا للثقافة العربية وللغة العربية ولدور المرأة العربية في مجالات الإبداع والفكر.
وقالت في كلمة خلال مراسم التقليد: "هذا الوسام يمثل اعترافًا بقيمة الثقافة والفن كقوة إنسانية قادرة على التأثير والتغيير؛ فالثقافة ليست ترفًا، بل تمثل قلب الوطن النابض ومن أسس النهضة الحقيقية".
وأشارت إلى أن تجربتها الثقافية والفكرية تأثرت بما تعلمته من باريس، التي رأت فيها نموذجًا يحتفي بالفن والفلسفة والجمال، ويضع المبدع في موقعه الطبيعي داخل المجتمع، مؤكدة أن "الأمم التي تكرم مبدعيها تؤسس لمستقبل أكثر إشراقًا".
وأفادت أن هذا التكريم يمثل رسالة تقدير للمرأة العربية التي استطاعت كسر جدار الصمت وإثبات حضورها في ميادين الفكر والإبداع، وأن صوتها قادر على الإسهام في صناعة الوعي وتغيير المسارات.
وأهدت التكريم إلى دولة الكويت التي وصفتها بأنها "صغيرة بحجمها كبيرة بحلمها"، وإلى أبنائها وأحفادها، وإلى أطفال غزة، والنساء المدافعات عن حقوقهن، والشباب الذين تعقد عليهم الآمال في بناء مستقبل يليق بطموحاتهم.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن "الثقافة تمثل لغة التقارب بين الشعوب، وأن الإنسان يظل القضية المركزية التي تجمع الجميع"، معربة عن أملها في أن يشكل هذا الوسام دافعًا لمواصلة طريق الكلمة والفن والإبداع المنحاز دائمًا للإنسان.