الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
17°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
رسالة لسمو الرئيس: أزمة سكن العمال...  والحل تأخر 15 عاماً
play icon
كل الآراء

رسالة لسمو الرئيس: أزمة سكن العمال... والحل تأخر 15 عاماً

Time
الاثنين 15 ديسمبر 2025
بسام فهد ثنيان الغانم

ما تعيشه الكويت اليوم من أزمة خانقة في سكن العمالة الوافدة لم يكن وليد اللحظة، ولا نتيجة ظرف طارئ، بل هو نتاج سنوات طويلة من التردد، وغياب القرار، وتأجيل الحلول الجذرية.

فمع هدم مناطق سكن العمال القديمة، وعلى رأسها جليب الشيوخ، دون توفير بدائل حقيقية، ومخطط لها مسبقاً، انتقلت المشكلة من خلل مزمن إلى أزمة مفتوحة تتفرع عنها أزمات أخرى: ازدحام مروري، ضغط على البنية التحتية، تكدس بشري غير صحي، وتوتر اجتماعي لا يخدم أحداً.

والحقيقة التي يجب أن تُقال بوضوح: الحل موجود، ومعروف، ومطروح منذ أكثر من 15 عاماً، لكنه ظل حبيس الأدراج.

قبل أكثر من عقد ونصف العقد، تقدمنا برؤية متكاملة تقوم على إنشاء 20 مجمعاً سكنياً تجارياً عمالياً، تتوزع بشكل عادل على محافظات الكويت الست، بحيث يكون كل مجمع قريباً من مواقع العمل، ويخفف الضغط عن الطرق، ويقلل الحاجة اليومية لتنقل آلاف العمال لمسافات طويلة.

الفكرة بسيطة في جوهرها، لكنها قوية في أثرها. كل مجمع يُقام على مساحة 50 ألف متر مربع، ويبدأ بسرداب من دور أو دورين مخصص بالكامل لمواقف السيارات، يستوعب أكبر عدد ممكن من المركبات، مع مداخل ومخارج منظمة للباصات الصغيرة والكبيرة، لتسهيل تحميل وتنزيل العمال بشكل آمن ومنظم، دون اختناقات مرورية أو عشوائية.

وفوق السرداب، يأتي الدور الأرضي والميزانين، ليضما مئات المحال التجارية والخدمية والترفيهية: معارض، بقالات، كافيهات، مطاعم، نوادٍ صحية، وخدمات أساسية.

وهنا نقطة جوهرية لا تقل أهمية عن السكن نفسه؛ إذ إن هذه المجمعات يمكن أن توفر ما لا يقل عن خمسة آلاف فرصة عمل للشباب الكويتي، وتكون منصة حقيقية لأبنائنا من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بدل البحث عن مواقع بعيدة أو مكلفة.

أما قلب المشروع، فهو الجزء السكني، حيث يتفرع من كل مجمع ثماني بنايات، بارتفاع 25 دوراً لكل بناية، وعلى مساحة 2500 متر مربع للبناية الواحدة.

تُجهز كل بناية بـ 8 مصاعد، ويضم كل دور 50 شقة فندقية مؤثثة، بمساحة 50 متراً مربعاً، تتكون من غرفة نوم، وصالة صغيرة، ومطبخ، وحمام، ومصممة لتناسب شخصاً واحداً أو شخصين فقط، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويمنع التكدس.

بهذا النموذج، تحتوي البناية الواحدة على 1250 شقة، ويُحدد إيجار الشقة بشكل رمزي لا يتجاوز 100 دينار شهرياً.

أي أن دخل البناية الواحدة يصل إلى 125 ألف دينار شهرياً، وبإجمالي مليون دينار شهرياً للثماني بنايات، دون احتساب دخل المحال التجارية، الذي يمكن أن يتجاوز مليون دينار أخرى شهرياً.

ولا يمكن إغفال البعد الأمني، الذي كان أحد الدوافع الرئيسية لطرح هذه الفكرة منذ بدايتها، فهذه المجمعات ليست مجرد سكن عمالي، بل هي "كامباوندات" متكاملة ومحكمة، ذات مداخل ومخارج محددة، وخاضعة للرقابة والتنظيم.

هذا النموذج يسهّل على الجهات الأمنية متابعة الحركة، وضبط الدخول والخروج، ويحد من العشوائية والتجمعات غير المنظمة، ويقلل من المخاطر الأمنية والاجتماعية.

إن الانتقال من سكن متفرق وغير منضبط إلى مجمعات منظمة ومراقبة، يمثل خطوة نوعية نحو تعزيز الأمن المجتمعي، وحماية السكان، وتحقيق الاستقرار، دون المساس بكرامة الإنسان أو حقوقه.

نحن هنا لا نتحدث عن عبء على الدولة، بل عن مشروع مستدام:

سكن لائق، دخل مجزٍ، فرص عمل للشباب، تخفيف للازدحام، تنظيم للعمالة، وحل جذري لأزمة عمرها عشرات السنين.

كل ما نحتاجه اليوم… قرار شجاع.

قرار يقول: نعم للحلول المتكاملة، نعم للتخطيط طويل المدى، نعم لإنهاء الأزمات من جذورها لا بترحيلها من منطقة إلى أخرى.

سمو رئيس الوزراء: الكويت لا ينقصها المال، ولا الأفكار، ولا الكفاءات؛ ما ينقصها فقط صاحب قرار، وأظنه صار موجوداً اليوم، ولله الحمد.

BSALghanem@

آخر الأخبار