الخميس 18 ديسمبر 2025
12°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
التأمينات الاجتماعية بحاجة إلى إدارة أفضل
play icon
الافتتاحية

التأمينات الاجتماعية بحاجة إلى إدارة أفضل

Time
الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
أحمد الجارالله

‏تتنوع صناديق التقاعد في العالم، ولكل منها أسلوبها في إدارة أصولها ومواردها، بينما بعضها تدار بحصافة وتثبت سنوياً كفاءة عالية، فهناك العديد منها التي يعتورها الفساد، في الإدارة، أو عدم الكفاءة، وما يجعلها تعاني من العجوزات المستمرة.

في المقابل، إن التعلم من الآخر ليس عيباً، فإن كانت هناك إدارة جيدة يمكنها أخذ الجيد من الآخر، والتعلم من تجاربه، فالدول أخذت من بعضها بعض التشريعات، وكذلك الإدارة الرشيدة، ومن ضمنها صناديق التقاعد، التي تحولت في بعض الدول، كهولندا واليابان وسويسرا، إلى ذراع قوية بتعزيز الناتج الوطني، لأنها عملت على الاستثمار المتعدد، وليس الاكتفاء في نمط واحد، لهذا فهي تحقق سنوياً أرباحاً أكثر، رغم زيادة المتقاعدين.

هذه النماذج ليست حكراً على دول محددة، إذا كانت هناك رؤية للتطور والتخلص من العجز الاكتواري الذي نسمع كل عام عنها في "التأمينات الاجتماعية"، بينما ليس هناك أي علاج لهذا المرض.

لدى المؤسسات ما يزيد على 45 مليار دينار من أصول وأموال، ولديها أيضاً قدرة على الاستثمار في نواح محلية عدة، والمخاطر فيها ليست كبيرة على العكس من الاستثمارات في الخارج، التي تكبدت المؤسسة خسائر منها، وأقرب مثال ما حصل في لبنان حين رفضت البنوك إعادة وديعتين بقيمة 347 مليون دولار.

لذا، فإن الاستثمار المحلي للمؤسسة، إذا تيسرت لها خبرات كبيرة، وعقول على غرار تلك التي تدير صناديق المعاشات في الدول الناجحة، يمكنها دعم الناتج الوطني، في مشاريع عدة، السكنية منها عبر بناء مجمعات تناسب الأسر الصغيرة، أو في الطرق السريعة الخارجية، وتحصّل منها رسوم مرور، أو الاستثمار في الأراضي التي منحتها لها الدولة، كمساهمة في سد العجز الاكتواري، والتي إلى اليوم لم نلاحظ أي تطور فيها، بينما لديها القدرة على بناء مخازن، ومحال تأجيرها، ويعزز الحركة التجارية، ما يخدم الاقتصاد الوطني.

ففي الكويت اليوم يبلغ عدد المتقاعدين نحو 200 ألف، وهذا الرقم في ازدياد، ما يعني أن عدم الاستثمار الحصيف سيؤدي لاحقاً إلى عجز، لذا من المهم أن تكون هناك خطة واضحة في هذا الشأن، وإذا دعت الحاجة إلى الاستعانة بعقول من الخارج، فلمَ لا!

في العقود الماضية، مرت المؤسسة بكثير من ممارسات أثرت في الأداء، أكان في الاختلاسات التي كانت واحدة من أعظم فضائح القرن العشرين، أو في المحاباة بالتعيينات على قاعدة "هذا ولدنا"، وتدخلات المتنفذين والنواب، أو اعتبار الموظف أن منصبه حق له على الدولة، في ما عرف بـ"حصة المواطن من الثروة الوطنية"، وهذه كانت من أفظع القواعد الفاسدة التي حكمت المؤسسات كافة، وليست "التأمينات" فقط.

إن تلك الممارسات أفقدتها القدرة على التحرك، بينما المطلوب هو أن تكون ذراعاً اقتصادية قوية، كما هي الحال في الدول الأخرى التي تسعى إلى تعزيز هذا النوع من الصناديق لإدراكها أن قوتها المالية لا تكمن في بيع سلعة واحدة (النفط) والاكتفاء بذلك، بل تنويع مصادر دخلها، والكويت للأسف لا تزال تطلق الشعارات، فيما لا نرى طحيناً.

آخر الأخبار