الاثنين 22 ديسمبر 2025
14°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الكويت... حين يكون الغلا تاريخاً والمواقف وطناً
play icon
كل الآراء

الكويت... حين يكون الغلا تاريخاً والمواقف وطناً

Time
السبت 20 ديسمبر 2025
عبدالله بن محمد آل الشيخ

يا الكويت…

كم غلاك يزيد، ليس لأنك وطنٌ جميل فقط، بل لأنك حكاية أخوّةٍ عشتها ومواقف صدقٍ لا تُنسى وعلاقة ضاربة في عمق الوجدان منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، حتى يومنا هذا.

علاقة احترامٍ وتقديرٍ ومحبةٍ للأرض، والقيادة، وللشعب الكويتي الأصيل، الشقيق.

عشت الكويت في عزّها، وعرفت جمال أيامها، وشاركت أهلها أفراحهم، ثم جاء اليوم المشؤوم، الذي لا يُنسى، يوم الاحتلال الغاشم، ذلك الجرح الذي لا أعاده الله على الكويت، ولا على أي وطن عربي.

يومها لم تكن الكويت وحدها، بل كانت في قلب كل سعودي، وفي ضمير كل خليجي. ومن موقعي تطوّعت مع أبناء المملكة للدفاع عنها، وعشت الأزمة أعظم من أهلها، كواحدٍ منهم، وأنا أعمل حينها مراسلاً لإحدى الصحف السعودية المحلية، أرافق قيادتها والجيوش على الجبهة، وأواكب الأحداث يوماً بيوم، من الميدان إلى القرار، برفقة الوفود الصحافية والإعلامية.

وفي تلك اللحظة المفصلية، نتذكّر بكل فخر واعتزاز موقف المملكة العربية السعودية، والذي كان واضحاً وحاسماً، وعبّر عنه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، بكلمته التاريخية التي أصبحت عنواناً لتلك المرحلة حين قال:

"لن نترك الكويت وحدها، ولو بقي معنا آخر جندي سعودي".

لم تكن تلك الكلمة تصريحاً سياسياً عابراً، بل عهداً صادقاً تُرجم فعلاً على الأرض، حيث فتحت المملكة أراضيها، وسخّرت إمكاناتها، ووقفت قيادةً وشعباً مع الكويت حتى عادت حرةً عزيزة، مؤكدةً أن أمن الكويت من أمن السعودية، وأن الأخوّة الصادقة لا تخضع للظروف ولا تتغير بتغير الزمن.

وكان من شرف تلك المرحلة أن ربطتني علاقة خاصة مع أميرها المغفور له بإذن الله، صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، علاقة لقاءاتٍ لم تنقطع، وحواراتٍ، عكست حكمة قائد، وبعد نظر رجل دولة، ورؤيةٍ جعلت من الكويت صوت العقل، وضمير الديبلوماسية الخليجية والعربية.

واليوم، أزور الكويت زيارةً خاصة أخوية، أستعيد فيها الذكريات، وأجدّد فيها المحبة، بعد أن سعدت قبل عام بتلبية دعوة كريمة من وزارة الإعلام الكويتية لحضور قمة زعماء دول "مجلس التعاون" الخليجي الـ45، قمةٍ عكست مكانة الكويت، وقدرتها الدائمة على جمع الصف الخليجي، وترسيخ العمل المشترك.

لقد ادت الكويت دوراً إقليمياً محورياً، تجاوز حجمها الجغرافي إلى ثقلها السياسي والأخلاقي، فكانت، ولا تزال وسيط خير، وصوت اتزان، وركيزة استقرار في محيط مضطرب، مستندة إلى إرثٍ قيادي راسخ، ومؤسسات دولة، وشعبٍ واعٍ يدرك قيمة وطنه ودوره.

وفي علاقتها بالمملكة العربية السعودية، تجلّت الأخوّة في أنقى صورها؛ تاريخٌ مشترك، ومواقف متبادلة، وتنسيق سياسي وأمني واقتصادي عميق، يعكس رؤية قيادتين تدركان أن أمن الخليج واحد، وأن استقراره مسؤولية مشتركة لا تقبل المساومة.

وتواصل الكويت اليوم مسيرتها بثبات، بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، وبمساندة سمو ولي عهده الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، حفظه الله، قيادة حكيمة تمضي بالكويت نحو تعزيز التنمية، وترسيخ الاستقرار، والحفاظ على نهجها المتوازن في محيطها الخليجي والعربي.

ختاماً، حفظ الله الكويت قيادةً وشعباً، ودام عليها نعمة الأمن والرخاء والاستقرار، وبقيت كما عرفناها دائماً… بيت الخليج، وقلبه النابض، وضميره الحي.

كاتب وإعلامي سعودي

آخر الأخبار