الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
85 مليون دينار سنوياً... والنتائج غائبة
play icon
كل الآراء

85 مليون دينار سنوياً... والنتائج غائبة

Time
الاثنين 22 ديسمبر 2025
حمود الحمدي

تُعدّ الرياضة في دول العالم المتقدمة احدى أهم أدوات بناء الإنسان، قبل أن تكون وسيلة للترفيه أو المنافسة.

فالدول لا تستثمر في الرياضة بدافع تحقيق البطولات فقط، بل لأنها تدرك أن الرياضة تُسهم في تحسين صحة المجتمع، وتخفيف العبء على الأنظمة الصحية، واحتواء طاقات الشباب، وخلق بيئة إيجابية تقل فيها السلوكيات السلبية، ولهذا نرى دولاً تخصص ميزانيات ضخمة لتطوير الرياضة، ليس باعتبارها كلفة، بل استثماراً طويل الأمد، يعود على الدولة اقتصادياً، وصحياً واجتماعياً.

في الكويت نحن بأمسّ الحاجة إلى هذا الفهم الشامل لدور الرياضة، خصوصاً في ظل المؤشرات الصحية المقلقة، فالكويت تُعد من الدول ذات المعدلات المرتفعة في السمنة، ومرض السكري على مستوى الشرق الأوسط، وهذان المرضان يرتبطان ارتباطاً مباشراً بقلة النشاط البدني، ونمط الحياة الخامل، لذا الاستثمار الحقيقي في الرياضة، سواء عبر المدارس أو الأندية، أو المنتخبات كفيل بتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، وتحسين صحتهم العامة، ما ينعكس مستقبلاً على تقليل كلفة علاج الأمراض المزمنة التي تتحملها الدولة.

ورغم أن دولة الكويت تصرف سنوياً نحو 85 مليون دينار على القطاع الرياضي، إلا أن المخرجات لا تتناسب مع حجم هذا الإنفاق، إذ لا نكاد نشاهد إنجازات تُذكر على مستوى المنتخبات أو الألعاب المختلفة.

والمشكلة لا تكمن في قلة الدعم، بل في آلية الصرف وغياب الرؤية الواضحة لتطوير الرياضة بشكل احترافي ومستدام، فمنذ عام 2014 أعلنت الدولة نيتها الانتقال إلى نظام الاحتراف على مراحل، بدءاً بالاحتراف الجزئي، وصولاً إلى الاحتراف الكلي، إلا أننا اليوم ونحن على مشارف 2026، لا يزال الاحتراف الكلي غائباً.

هذا التأخير خلق فجوة كبيرة بين الرياضة الكويتية ونظيراتها في دول الجوار، إذ لا يزال اللاعب الكويتي غير متفرغ بشكل كامل، ما ينعكس سلباً على مستواه، الفني والبدني، ويحد من قدرته على المنافسة.

إلى جانب ذلك تُعد خصخصة الأندية الرياضية خطوة ضرورية لإصلاح المنظومة، فاستمرار الدعم الحكومي السنوي المتساوي لجميع الأندية أضعف روح المنافسة، وجعل بعضها يعتمد على الدعم دون السعي للتطوير أو الاستثمار.

البديل الأكثر فاعلية هو أن ترفع الدولة يدها عن الدعم المباشر، وتكتفي بتقديم حوافز وجوائز مالية للمراكز الأولى في جميع الألعاب الرياضية دون استثناء، وهذا النموذج سيخلق تنافساً حقيقياً ويجبر الأندية على العمل باحترافية واكتشاف المواهب واستقطاب الكفاءات الفنية والإدارية.

وعندما تُربط المكافآت بالإنجاز ستبرز المواهب بشكل طبيعي وستتحسن جودة المنافسات المحلية، وهو ما سينعكس مباشرة على أداء المنتخبات الكويتية في مختلف الألعاب بدلاً من الاعتماد على أسماء محدودة، أو ألعاب بعينها.

إن تطوير الرياضة في الكويت لا يحتاج إلى زيادة في الإنفاق بقدر ما يحتاج إلى تغيير في الفكر، وآلية الدعم، والانتقال من الصرف إلى الاستثمار ومن الدعم المتساوي إلى التحفيز القائم على الإنجاز حتى تصبح الرياضة رافداً حقيقياً لصحة المجتمع وقوة الدولة.

كاتب كويتي

آخر الأخبار