ثمة سؤال موجه إلى مجلس الوزراء، وسمو الرئيس، وهو: أليس الأفضل بدلاً من ملاحقة الناس في أرزاقها، ووضع العراقيل أمام أصحاب المصانع والمزارع والمستثمرين أصحاب حق الانتفاع، أن تكون هناك خطة ذكية لحوافز تشجع على المزيد من الاستثمار في كل المجالات، وتنعش الاقتصاد الوطني؟
هذا السؤال نطرحه في وقت تبدو فيه الكويت وكأنها تسير إلى الخلف بدلاً من التقدم، بينما باقي دول الخليج، ومعظم بلدان العالم، تعمل على تشجيع الأعمال ومنح المستثمرين والصناعيين وغيرهم الكثير من التسهيلات لتعزيز ناتجهم الوطني، وتوسيع مساحة الاقتصاد المحلي، وكذلك التخفيف عنهم كي يزيدوا من الاستثمارات المحلية، عبر تطوير مشاريعهم من خلال استيراد أفضل التكنولوجيا، والإبداع في الصناعات وغيرها.
على صعيد المثال، في اليومين الماضيين أصدرت وزارة الصحة لائحة جديدة للضمان الصحي، للوهلة الأولى يعتقد واضع هذا القرار أنه سيدر على الخزينة مئات الملايين، لكنه في الواقع سيرفع معدل التضخم أكثر، لأن العامل سيضطر إلى المطالبة بزيادة، ما يؤدي بصاحب المصنع إلى رفع سعر المنتج، وهذا يضر بالمستهلك الذي لن يقدم على الإنفاق.
لذا، فإن المصنع أو المؤسسة أو غيرهما من مجالات الأعمال إذا كان فيها 100 أو 200 عامل، فهذا يعني أن التكاليف ستزيد، لأن رفع الرسوم يشمل كل مفاصل الاقتصاد، يؤثر على المستهلك والقوة الشرائية، ويرفع التكاليف المعيشية، لأن غالباً ما تؤدي زيادة الرسوم على الخدمات أو السلع المستوردة إلى ارتفاع الأسعار النهائية، ما يقلل من القوة الشرائية للأفراد.
هذا أحد الجوانب التي تضر بالاقتصاد الوطني، فيما هناك عوامل أخرى طرأت خلال الأشهر الماضية، ومنها وقف رخص القسائم الصناعية، والزراعية، والخدماتية، إذا تأخر أصحابها عن دفع الرسوم لشهر أو شهرين، لذا نسأل: ألم تكن تلك الأرض صحراء، والمستفيد منها هو من بناها، وطورها، وأنشأ فيها مصنعا أو مزرعة، ومرافق خدماتية، لذا ألا يستحق التكريم وليس العقوبة، فهل إذ بقيت تلك الأراضي صحراء يمكن أن تنشط الاقتصاد؟
في دول الخليج، هناك محفزات كثيرة للصناعيين وغيرهم من أرض حق الانتفاع، ومنها على سبيل المثال، تجميد الرسوم على القسائم لخمس سنوات، كما فعلت السعودية، التي منحت أيضاً المستثمرين العديد من المميزات الجديدة، وهو ما ساعد على تطوير صناعتها وتشجيع المستثمرين الأجانب على ضخ أموالهم فيها.
كذلك فعلت الإمارات وعُمان والبحرين، فيما لا تزال الكويت تتشدد في هذا الأمر، بل تفرض المزيد من القرارات المعرقلة، وهو ما يؤثر في مجالات الأعمال كافة، ويؤدي إلى التأخر في دفع الالتزامات الشهرية، كدفع الرواتب وغيرها، وهي طامة كبرى.
في الدول المتقدمة، وحتى النامية، تُفرض الرسوم بطريقة تساعد على تعزيز المزيد من الإنتاج، لأن المطلوب منها تنويع مصادر دخل للدولة، إلا أنها لا تعوق الصناعيين والمزارعين ومقدمي الخدمات، بل هي تبيع تلك القسائم إلى المستثمرين والمنتفعين منها، وليس كما يحصل لدينا إذا تأخر عن تسديد إيجار القسيمة، أنزلت عليها كل العقوبات.
سمو الرئيس، معالي الوزراء..
لذا نعيد السؤال: أليس من الأفضل التخفيف على المستثمرين، وعلى العامة من أجل إنعاش الاقتصاد أسوة بباقي دول الخليج؟
سمو الرئيس، أليس من الأفضل أن تدَعوا الناس ينشطون ويربحون وتشاركهم الدولة في الربح عبر ضرائب سنوية، أو المشاركة في الدخل، إذن لماذا هذا التطفيش، بينما هناك حلول أرحم وأجدى؟
هناك مطاعم ومحال ترفيه تعمل بحق الانتفاع، لكنها لا تشعر بالاستقرار، فكل سنة تمر على أصحابها يشعرون أنها "نحس"، فيما لسان حالهم: الله يستر من السنة المقبلة، لأن حق الانتفاع محدد برخصة لسنة واحدة وبمتابعة قضائية تؤدي إلى إغلاق المنشأة عند أي مخالفة بسيطة.
لذا، من الأفضل أن تبيع الدولة الأرض لهم، أو تمدد مدة الترخيص وحق الانتفاع لخمسين سنة، وافرضوا ضرائب عادلة عليهم.
سمو الرئيس، مثلاً في منطقة الشويخ الصناعية بيعوا الأراضي للمنتفعين بها، أو شاركوهم الدخل التجاري، وبلاش لعبة الخش والدس، فإجراءات الحكومة لن تفيد وناتجها قليل، وليس داعماً للناتج الوطني، لذا بيعوا هذه الأراضي بأقساط ولمدد مريحة، أو شاركوهم في الإيجار مشاركة عادلة.