مختصر مفيد
حدثت مجاعة في لبنان أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، ففتحت البطريركية الأرثوذكسية في دمشق أبوابها لإطعام الجياع، أيا كانوا، دون أي تمييز بين دين اومذهب، فارتفع سعر القمح وأصبح من النادر وجوده.
عندئذٍ رهن البطريرك (رئيس القساوسة) أوقاف البطريركية والأديرة السورية كلها، وباع مقتنيات وأواني الكنائس الذهبية والفضية، حتى يشتري القمح، وينقذ أرواح الناس من المجاعة، وكان كل فرد يأخذ رغيفاً كل يوم دون سؤاله عن ديانته، وفي يوم اشتكى المسؤول عن توزيع الخبز من كثرة عدد المسلمين الذين يأخذون الخبز، فرفع البطريرك الرغيف عالياً بين يديه، وسأل موزع الخبز: هل كتب عليه للمسيحيين فقط؟
فأجابه بالنفي، فقال له البطريرك: عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل إنسان يريد.
وفي يوم من الايام حضر فقير يطلب من البطريرك حسنة، فسأله أحد المرافقين للبطريرك عن ديانته، فثارت حفيظة البطريرك وقال: هل تمنع عنه الصدقة إذا كان من ديانة غير ديانتك، ألا يكفيه ذُلاً أنه مدّ يده اليك لتُذِلَّـه بسؤالك عن عقيدته؟
توفي هذا البطريرك عام 1928 وشارك في تشييعه قرابة 80 ألف مسلم، والملك فيصل أرسل مئة فارس من الخيالة الملكية إلى دمشق حتى يشاركوا في مراسم التشييع، والحكومة السورية أطلقت 100 طلقة مدفع، وبكى عليه المسلمون قبل المسيحيين، انه البطريرك غريغوريوس حداد.
قد تراه بثيابه البسيطة، فتظنه رجلاً فقيراً أو متسوّلاً، والحقيقة أن هذا الرجل هو الأديب العالمي الروسي ليو تولستوي، الذي كان يملك الثروات الطائلة، لكنه تخلّى عن كل ما يملك للفقراء والمحتاجين، ليكون قريباً من الناس، لا من القصور، ومن كلماته التي تعكس روحه الطيبة: لا تـُكثر الحديث عن الدين، بل دعني أرَ الدين في أفعالك"، و"إذا شعرت بالألم فأنت حي، لكن إذا شعرت بألم الآخرين فأنت انسان".
كتبت مقالة "صفعة مسلم في شارع لندن"، والموضوع عن يهودي يمشي في أحد شوارعها، ومال إليه مسلم آسيوي وصفعه، نشرت هذا في مقالة مستنكراً الحدث، الذي صورته كاميرات الأمن، ونشرته صحف بريطانيا، إساءة فظيعة لديننا الإسلامي، فقد كتب الانكليز والاميركان التعليقات الجارحة ضد الإسلام، كما أساء آخرعندما استقل مسلم آسيوي طائرة غادرت استراليا، وفي الجو صاح بالمسافرين، وصلى في ممر الطائرة، فأثار كراهية الأجانب للمسلمين، فعاد الطيار بالطائرة الى استراليا، ونشرت صحيفة بريطانية الخبر، وانهالت الشتائم على المسلمين.
يغفل كثيرون عن الحديث الشريف "الدين المعاملة"، واعتناق الكثيرين للإسلام لما وجدوا فيه من رحمة وأخلاق كريمة، وإعجاز قرآني، ومن التاريخ حارب المسلمون بشجاعة في معركة وارسو عام 1656 من أجل بولندا، كما خدموا في قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، ولما حدث هجوم على معبد يهودي في أميركا عام 2018 ومات 11 شخصاً، والقاتل أميركي، جمع المسلمون أموالاً أعطوها لأهالي ضحايا الحادث، ألم يقرأ الأجانب قصة عمر بن الخطاب واليهودي، فقد رأى شيخا كبيرا يتسول في السوق، فسأله: من أنت يا شيخ؟
قال: أنا يهودي عجوز، أسأل الناس الصدقة حتى أعطيكم الجزية، ولأنفق على عيالي.
فقال عمر متألماً: "ما أنصفناك يا شيخ، أخذنا منك الجزية شابا ثم ضيعناك شيخا"، وأمسك الخليفة عمر بيد ذلك اليهودي وأخذه إلى بيته وأطعمه مما يأكل، وأرسل إلى خازن بیت المال، و قال له: "افرض لهذا وأمثاله ما يغنيه ويغني عياله".
فخصص له راتبا شهريا يكفيه من بيت مال المسلمين، وأوقف عنه الجزية، فعمر هو أول من جاء بفكرة التقاعد، ولم تكن أوروبا.
[email protected]