الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
عقول أفضل من عقل
play icon
كل الآراء

عقول أفضل من عقل

Time
الاثنين 22 ديسمبر 2025
م. عادل الجارالله الخرافي

‏لم يكن توزيع السلطات في الدول مسألة عادية، فالمراقبة ضرورية، وتكون من أكثر من سلطة، كي لا يستشري الفساد فيها، وحتى لا تصبح المؤسسات كأنها مزارع شخصية، فمنذ وجدت الأنظمة كانت الرقابة لصيقة بها.

كذلك فهي وجدت لتصحيح الخلل في الممارسة، وأيضا من أجل تنوع الأفكار، حتى تصبح المؤسسات أكثر حصافة في التنفيذ، أو التشريع، وإقامة العدالة، لهذا اخترت عنوان هذه المقالة "عقول أفضل من عقل"، والفحوى من هذا أن ثمة مثلاً شعبياً هو "ما خاب من استشار"، وذلك معمول به حتى في الدول ذات النظام الرئاسي الواحد، لذا هناك فِرَقٌ من المستشارين في شتى المجالات، هم من يعملون على وضع القوانين، ولوائحها التنفيذية.

بينما في الدول الأخرى فإن توزع السلطات ضرورة، لأنها تشارك جميعها في صنع القرار، ومناسبة هذه المقدمة صدور اللائحة التنفيذية لرسوم الضمان الصحي، والإعفاءات التي حددها القانون، فإن بعضها كان مقترحاً في مجالس أمة سابقة، وحين كنت مسؤولاً عن ذلك، وجدت أن هناك اقتراحات منذ العام 1963 لم يأخذ بها أحد، رغم أنها كانت مفيدة للكويت.

حتى بعد الغزو العراقي، والتحرير، كان هناك الكثير منها، وهو ما يجعل البلاد أكثر تطوراً، لأن في تلك الفترة كان الكويتيون يعملون بمشاعر وطنية كبيرة، وكل واحد يرغب في خدمة البلاد من موقعه.

لقد غابت تلك المقترحات، ولم ينظر إليها كخدمة وطنية ومصلحة عامة، بينما اليوم هناك فرصة لدى الحكومة بوصفها أداة تنفيذية وتشريعية، كي تبحث في عشرات الاقتراحات الموجودة في ارشيف مجلس الأمة، كي تأخذ منها المفيد، المبني على مصلحة الشعب والدولة، لأن مهما قدمت السلطة التنفيذية من أفكار، تبقى بحاجة إلى التطوير، رغم أنها تعمل من أجل مصلحة وطنية، فهناك الكثير مما يمكن أن يشكل أساساً قوياً للتطوير وفق رؤية مشتركة بين الجميع.

هنا لا بد من القول: ليست كل ممارسات مجلس الأمة تقوم على الصراعات والمصالح، بل هناك بعض الفوائد، ففي كل دول العالم هناك صراعات سياسية، الهدف منها الأفضل لمصلحة الدولة والشعب.

لهذا من الطبيعي اختلاف وجهات النظر، لكن يبقى الأساس، المصلحة الوطنية، ولهذا فإن مساحة عقل مهما اتسعت تبقى أصغر من مساحات عقول كثيرة، لهذا فإن الاستماع إلى وجهات النظر ضرورة، لأن كل واحد يرى من زاوية معينة، وإذا اجتمعت الأفكار رسمت لوحة بديعة لعمل يقترب من الجمال.

لهذا فإن وجود الصحافة ووسائل التواصل، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني وفق تخصصاتها، والمجالس التشريعية والبلدية، وحتى لجان المناطق، وغيرها، كي تخدم الفكرة الأساسية تطور الدولة والشعب، فمثلاً عند نشر تعديل رسوم الضمان الصحي، نشرت إحدى الصحف ما يمكن اعتباره ملاحظات وجيهة.

دائما إن العودة إلى التاريخ والاستفادة مما تركه الأولون هي العلاج الوحيد لأي مشكلة، لهذا أعود إلى السؤال: هل اطلع الفريق الاستشاري للحكومة على أرشيف مجلس الأمة واستفاد من الاقتراحات؟

آخر الأخبار