حوارات
أعترف أنني بدأت، في السنوات الأخيرة، أميل أكثر إلى تفضيل الاستماع والإنصات الى الآخرين، بدلاً من إشغالهم فقط في الاستماع إلى ما أقوله، وأحياناً أمتنع عن المبادرة في الكلام، لإتاحة المجال للآخر كي يبدأ كلامه معي، وذلك بسبب اقتناعي مع مرور الوقت أنّ كثيراً ممن نقابلهم، أو نتحدّث معهم في حياتنا اليومية يرغبون أغلب الأحيان في أن نستمع وننصت إليهم، أكثر من التكّلم معهم.
ومن دلائل أنّ الاستماع والإنصات إلى الآخر يمثّل الخيار المفضّل بالنسبة لكل الأطراف، نذكر ما يلي:
- الآخر يفضفض، وينفّس عن ضغوطه النفسية: يرغب كثير من الناس في عالم اليوم الذي تكاد تكون علامته البارزة هي تراكم الضغوط النفسية والشعور المستمر بالإجهاد النفسي، في أن يستمع الإنسان الآخر لفضفضتهم، لكي يشعروا بشيء من الراحة النفسية، والانسان السوي، لا سيما من يمتلك قدرا مناسبا من المروءة، يتوجّب عليه الاستماع، والإنصات قدر استطاعته، فعامل الناس كما تحبّ أن يعاملوك.
- الإنصات للأبناء: طوبى لمن يعوّد نفسه في عالم اليوم الذي من علاماته ضعف العلاقات الأسريّة، وشبه اندثار العلاقات الاجتماعية التقليدية، على الإنصات الحقيقي لما يقوله له أبناؤه، وحيث يتوافّر أمامهم خيارات أسهل في التحدّث مع قرنائهم بدلاً من آبائهم وأمهاتهم، بسبب ظنّهم أنّ أولوياء الأمر لا يمكن أن يستوعبوا بشكل دقيق ومتفهّم ما يشعرون به، تجاه ما يتعرّضون له في حياتهم اليومية.
- الشبع من الكلام: الإنسان في مرحلة معيّنة من مسيرة حياته يبدأ ينشأ عنده أحياناً رغبة إيجابية في تقليل كلامه مع الآخرين، واستعمال أغلب وقته للتأمّل الفكري في ماضيه وحاضره ومستقبله، وللتمتع في النظر الى الطبيعة المحيطة به، والاستماع إلى أصواتها، أو يسافر للاستجمام.
ومن وجهة نظري الشخصية، ووفق ما مرّ بي من تجارب حياتية أعتبرها شخصيّاً فريدة، ووفقاً لما قرأت عنه، ولا أزال أقرأ عنه في علم النفس العام، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفس التطوّري، عن السلوكيات البشرية ودوافعها، لا سيما حول طبيعة الشخصية الإنسانية المعهودة، أنه كلما قلّ كلام المرء، حسنت كل شؤونه وأحواله.
كاتب كويتي
@DrAljenfawi