تُعدّ تقنية التطعيم داخل البيضة، والفقس داخل الحظيرة، من أبرز الابتكارات الحديثة التي تشهد اهتماماً متزايداً في صناعة الدواجن، لما تقدمانه من حلول فعّالة تسهم في تحسين صحة القطيع ورفع كفاءة الإنتاج.
وقد طبّق أحد المزارعين في بلجيكا هاتين التقنيتين على مدى ثمانية عشر شهراً، مما أتاح له خوض تجربة عملية ثرية، تحدّث عنها بشفافية، وشرح دوافعه، ونتائج تجربته.
تم في عام 2022 عندما استقبل أول دفعة من صيصان "روس 308" بعمر يوم واحد، كما هي الحال في النظام التقليدي.
غير أن توصية المفقس بتجربة نظام جهاز توزيع البيض، الذي يعتمد على فقس البيض مباشرة داخل الحظيرة، دفعته لتطبيق الفكرة في قطعانه اللاحقة.
تسلم المزارع بيضاً محضّناً بعمر تسعة عشر يوماً، تم نقله إلى الحظيرة خلال مدة قصيرة بواسطة معدات مخصّصة، دون الحاجة لأي استثمار إضافي.
وقد جهّز الحظيرة بالطريقة التقليدية نفسها، لكنه أضاف طبقة أثخن من نشارة الخشب في المناطق المخصّصة لوضع البيض.
وبعد وضع البيض، تُتابع عملية الفقس عبر منصة مراقبة رقمية تتيح رصد درجة حرارة قشرة البيض، وتغيّرات المناخ داخل الحظيرة لحظة بلحظة، مع إمكانية التدخل السريع عند الحاجة، الأمر الذي وفّر له طمأنينة كبيرة وساعد في تحقيق نتائج ممتازة في الفقس وجودة الصيصان.
أما التطعيم داخل البيضة، فقد أثبت فعاليته الكبيرة، إذ يصل البيض إلى الحظيرة مطعّماً مسبقاً ضد الأمراض الشائعة مثل "غومبورو وماريك"، وبعض الأمراض غير المعدية.
وقد وفّر ذلك على المزارع مشقة تنفيذ التطعيمات داخل الحظيرة، سواء بالرش أو عبر مياه الشرب، وهي طرق غالباً ما تتطلب الكثير من الوقت والدقة، كما أنها كانت تتسبب سابقاً في حدوث تراجع ما بعد التطعيم، وهو ما اختفى تماماً بعد اعتماد التطعيم داخل البيضة.
وقد ظهرت فوائد الفقس داخل الحظيرة بوضوح من خلال حصول الصيصان على الماء والعلف فور خروجها من البيضة، دون التعرض للإجهاد الناجم عن النقل أو التداول داخل الفقاسات. فالصيصان أكثر هدوءاً وصحة، وتنطلق في النمو من اللحظة الأولى دون فترات انتظار طويلة كما يحدث في النظام التقليدي، حيث قد تنتظر الصيصان المفرخة مبكراً ما يصل إلى 36 ساعة قبل الحصول على الغذاء والماء.
ورغم أن الدورة الإنتاجية داخل الحظيرة تمتد ليومين إضافيين بسبب استلام بيض بعمر 19 يوماً، فإن المزارع تمكّن من الحفاظ على أكثر من سبع دورات سنوياً عبر تقليل فترة التعقيم بين الدورات والاستفادة من انخفاض فقدان الحرارة الناتج عن تقليص الفترة الفارغة.
وانعكست هذه التحسينات على الوضع الصحي للقطيع، فقد انخفض استخدام المضادات الحيوية بشكل كبير بعد تطبيق الفقس داخل الحظيرة والتطعيم داخل البيضة.
كما تحسنت النتائج الفنية بصورة لافتة، إذ بلغت نسبة الوفيات 1.5 في المئة فقط، ووصل الوزن النهائي للطيور إلى ما بين 2.8 و2.9 كيلوغرام في عمر احد وأربعين يوماً، فيما تراوح معامل التحويل الغذائي بين 1.45 و1.50، وهي أرقام صنّفتها شركة الأعلاف ضمن أفضل النتائج بين مزارع عملائها.
اقتصادياً، لم تتطلب التجربة أي تكاليف إضافية أو معدات جديدة، فالمفرخ يزوّد المزرعة بكمية من البيض المحتضن تزيد بنسبة بسيطة لتعويض الفاقد الطبيعي، بينما تتم المحاسبة على عدد الصيصان بعد الأسبوع الأول فقط.
ويؤكد المزارع أن العمل الإضافي المرتبط باستقبال البيض محدود جداً، بل أقل من العمل المطلوب عند استقبال صيصان جاهزة بعمر يوم واحد.
وبالنظر إلى جودة النتائج وانخفاض مستويات التوتر وسهولة إدارة العملية، يرى المزارع أن اعتماد الفقس داخل الحظيرة، والتطعيم داخل البيضة كان قراراً مصيرياً، نقل مزرعته إلى مستوى أعلى من الجودة والكفاءة، وحقّق له نمطاً إنتاجياً يتوافق تماماً مع أهدافه المهنية.
رئيس جمعية مربي الدواجن سابقا