الزراعة... تبعث الأمل في النفوس والراحة في القلوب
عدنان مكّاوي جرادة
لا يمكن ذكر منطقة الوفرة الزراعية في أقصى جنوب الكويت على الحدود الكويتية - السعودية من دون ذكر آل الجلال السهلي، فهذه العائلة الوطنية المتفانية المترابطة، جزء من تاريخ هذه المنطقة الحدودية النائية وجغرافيتها.
فقد بدأ آل الجلال تواجدهم الزراعي الإنتاجي والتعميري في منطقة الوفرة الصحراوية أوائل الثمانينيات من القرن الماضي بحيازة من آل الجلال إخوان: محمد وسعود ومطلق ومشبّب وسعد، أرض صحراوية جرداء لكل منهم؛ فحولوها بهمتهم ونشاطهم وكفاءتهم إلى مزارع خضراء فيحاء.
ليأتي من بعدهم أولادهم وأحفادهم، ويواصلون الطريق الأخضر في معظم قطع الوفرة الزراعية، القديمة والجديدة، سواء بسواء، حتى بلغ عدد مزارع أبنائهم وأحفادهم العشر مزارع، قابلة للزيادة؛ وفاءً لذكرى آبائهم الكرام، وتعبيراً عن حبّهم المتوارث للتعمير وللعمل الزراعي الإنتاجي المثمر والنافع للبلاد والعباد، وبخاصة على امتداد الحدود الصحراوية الحدودية النائية، رافعين شعار"نحن على العهد باقون".
وفق ما يقول المزارع مجحم مشبب الجلال السّهلي لكاتب هذه السطور، الذي عاصر ورافق الآباء والأبناء والأحفاد، خلال رحلتهم الطويلة في استزراع "الوفرة" وتعميرها منذ نحو 48 عاماً، حتى اليوم، وفي معظم قطع منطقة الوفرة الزراعية القديمة والجديدة.
ومن دلائل تقدير الدولة حكومة وشعباً لآل الجلّال السّهلي الأفاضل في تعمير الوفرة الزراعية واستزراعها تسمية شارعها الرئيس، شارع جمعية الوفرة الزراعية، شارع 300 الممتد طويلاً وسطها، باسم المزارع المرحوم بإذن الله تعالى، محمد الجلال السهلي؛ فيما فاز ابنه البكر ناصر برئاسة مجلس إدارة جمعية الوفرة الزراعية في سنواتها الذهبية.
وانتخاب ابنهم عبدالله محمد الجلال السهلي (رحمه الله) بعضوية مجلس إدارة الاتحاد الكويتي للمزارعين، وابنهم حزمي مشبّب الجلال السهلي بانتخابات الاتحاد الكويتي للمزارعين في أوج نشاط هذا الاتحاد الزراعي العريق والأقدم في الكويت، في التسعينات من القرن الماضي.
يقول المزارع مجحم مشبّب الجلال السهلي: معظم أوقاتي وإخواني وأولادنا نقضيها وسط مزرعة أبينا، ومزارع أعمامنا الله يرحمهم جميعاً، في الوفرة، فالزراعة تبعث الأمل، والحياة البسيطة والكريمة في آن واحد، كما تعلمنا الصبر وأهمية العطاء والوفاء للأرض؛ كي تعطيك من خيراتها الوفير والجيد معاً.
طرق الوفرة... وعرة
ومع أن التطور مشهود في منطقة الوفرة الزراعية، خصوصاً لمن عايشها في جميع مراحلها؛ فهي دائماً من حسن إلى أحسن، بفضل همة مزارعيها الحائزين على أراضيها وبفضل مساعدة الدولة لهم.
اضاف: إلا أن هذا التطور لم يواكبه التطور المأمول، وبخاصة في مجال طرق الوفرة وشوارعها، فقد زادت مزارع الوفرة وامتدت شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، من مركزها، أقصد من وسطها القديم، حيث مسجدها الأول والمستوصف الصحي (مستوصف الصالح)، ومركز سوق جمعية الوفرة الزراعية التعاونية.
وقال: إلا أن العديد من طرقها وشوارعها، وبخاصة في قطعة"6" المطلة على شارع 500، وعرة صعبة، والداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، لا سيما شتاء بعد هطول الأمطار فيها أو عليها.
أضاف أبو خالد: طرق الوفرة الوعرة التي يعاني منها الكثير من مزارعي الوفرة وروادها المتزايدين؛ شتاء وربيعاً، ألا يراها المسؤولون عن الطرق في الكويت أو يسمعون عنها، ناهيك عن التقاطعات الخطرة، فلماذا لا تحوّل كلها إلى دوارات مضاءة ليلاً، وتسبقها إشارات مرورية أرضية واضحة؛ حفاظاً على سلامة المركبات الخفيفة والثقيلة التي تستخدمها وسلامة ركابها؟
المستوصف قديم
ولم ينس المزارع مجحم الجلال في حديثه، التطرق إلى مستوصف الوفرة القديم (وسط شارع محمد الجلال السهلي) فقال: هذا المستوصف الوحيد، ومنذ سنوات طوال في منطقة الوفرة الزراعية، صار قديماً؛ لا يتسع لجميع مراجعيه المتزايدين من عمال المزارع وسكانها وزوارها، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لم تجر توسعته، فبعد نحو أربعين عاماً من إنشائه، بل بناء مركز صحي موسع جديد، فيه جميع الخدمات الصحية، على غرار المركز الصحي الشامل الذي تبرع ببنائه الرجل الكويتي المحسن الكبير، علي ثنيان الغانم وأولاده الكرام من أموالهم جزاهم الله خيراً؟
انقطاع الكهرباء
هذا ويشارك في هذا الحديث الزراعي المزارع الشاب فهد نايف مشبب الجلال الذي صاحبنا في جولة داخل مزرعة المرحوم
مشبّب الجلال مع المزارع الشاب سعود مجحم مشبب الجلال قائلاً: لدينا مشكلة أخرى لا تقل خطورة عن مشكلة الطرق التي تطرق لها عمي العزيز أبو خالد، فمزارعو الوفرة وفي معظم قطعها يعانون من الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي، وها نحن اليوم، في مزارعنا ومراكزنا بالوفرة الزراعية من دون كهرباء، العنصر الرئيسي للحياة المعاصرة.
وأكّد أن طرق الوفرة وشوارعها صارت وعرة، يصعب مرور السيارات الثقيلة (التناكر) عبرها؛ لأنها أراض طينية وغير مرصوفة، وربما يزيد الطين بلّة فيها فضلات المزارع الملقاة على بعض جوانبها، فلماذا إلقاء الفضلات في بعض شوارع الوفرة؟
لماذا لا ترمى في الحاويات، وتنقل يومياً إلى مكبّاتها الرئيسة بعيداً عن الوفرة الزراعية، فنحن في الوفرة المنطقة الزراعية الغذائية، ويهمنا أول ما يهمنا فيها نظافتها التامة ونظامها الكامل... وعمار يا كويت.