وجهة نظر
في ظل تطور المجتمعات، وتعقّد العلاقات بين الأفراد، برزت الحاجة إلى نظام قانوني ينظم عملية التقاضي، ويضمن الوصول إلى الحقوق بعدالة وإنصاف.
ويأتي قانون المرافعات ليكون الأداة التي تُنظم إجراءات عرض النزاعات أمام القضاء، منذ لحظة رفع الدعوى، وحتى صدور الحكم وتنفيذه. ولأهمية هذا القانون ودوره المحوري في تحقيق العدالة، تعددت مصادره التي استمد منها قواعده وأحكامه، مما أكسبه مرونة، وقدرة على مواكبة متطلبات الواقع القضائي.
وسوف اعرض هذه المصادر القانونية وفق الآتي: أولاً، التشريع، فهو يُعتبر المصدر الرئيسي لقانون المرافعات، ويتمثل في القوانين التي يصدرها المشرّع لتنظيم إجراءات التقاضي، مثل قانون المرافعات المدنية والتجارية، وما يتضمنه من قواعد تتعلق برفع الدعوى، والاختصاص، والإعلانات، وطرق الطعن، وتنفيذ الأحكام. ويُعد هذا المصدر الأعلى مرتبة والأكثر إلزاماً. ثانياً: الشريعة الإسلامية، فهي تُعد مصدراً مهماً، خصوصا في الدول التي تنص دساتيرها على اعتبار الشريعة مصدراً أساسياً للتشريع. ويستفيد قانون المرافعات من مبادئ الشريعة في تحقيق العدالة، مثل مبدأ سماع الخصوم، وعلنية القضاء، وحق الدفاع. ثالثاً: العرف القضائي، وهو ما درجت المحاكم على اتباعه من إجراءات، لم ينص عليها القانون صراحة، طالما لا تتعارض مع النصوص القانونية. ويُسهم هذا المصدر في سد النقص وتوضيح بعض الجوانب العملية للتقاضي. رابعاً: الفقه القانوني، ويقصد به آراء واجتهادات الفقهاء، ورجال القانون في شرح وتحليل نصوص قانون المرافعات. ورغم أنه ليس مصدراً ملزماً، إلا أنه يُعد مرجعاً مهماً يستعين به القضاة والمحامون لفهم النصوص وتفسيرها. خامساً: أحكام القضاء، تؤدي دوراً مهماً في تفسير نصوص قانون المرافعات وتطبيقها، وبخاصة أحكام المحاكم العليا. ورغم أنها لا تُعد مصدراً رسمياً للتشريع، إلا أن لها قيمة عملية كبيرة في توحيد المبادئ القضائية. وفي الختام، تتكامل مصادر قانون المرافعات في ما بينها لتحقيق الغاية الأساسية من التقاضي، وهي الوصول إلى العدالة في إطار من التنظيم والإجراءات الواضحة التي تكفل حقوق جميع الأطراف.
مهدي عبدالله
كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون