مساحة للوقت
سؤال مطروح اليوم نوجهه إلى محافظ حولي، ورئيس المجلس البلدي وأعضائه، ولكل من يعرف تاريخ مناطق الكويت القديمة، والتي كانت مضرب الأمثال والأشعار، وسكانها من أقدم عوائل الكويت، ولها رمزية خاصة، وتاريخية، وذكريات لن تُنسى ولن تُمحى، وكذلك لن تختفي.
نعم، منطقة النقرة، اليوم نتذكرها لأنها أصبحت من إرث السوالف، والحكايات، عندما نلتقي مع من عاشوا وترعرعوا في فرجانها وبرايحها، ومدارسها وملاعبها، وكل سكة، وعاير فيها.
اليوم لا نجد لوحة إرشادية تقول: أنت في النقرة. نعم، النقرة تلاشت، واختفت من خارطة الكويت الرسمية.
هناك مخفر النقرة الجديد الذي لا يزال يحتفظ باسمها الخالد، وهناك مدارسها التي تحولت إلى إدارات الدولة، أو مدارس خاصة.
لقد اختفت نقرة الطواري، ولم يبقَ من معالمها إلا مسجد البراك المعروف بـ"مسجد الطواري"، وهناك "مسجد العثمان"، التحفة المعمارية أول "نقرة العثمان"، وهناك "نقرة الحداد" التي اختفت كل معالمها تقريباً، وتداخلت مع حولي المحافظة، فأصبحت كل اللوحات الإرشادية تحمل اسم حولي المحافظة، والتي هي بالأصل قرية تقع غرب منطقة النقرة.
إن مناطق العاصمة الكويت لا تزال تحمل أسماءها القديمة، كالشرق، والمرقاب، والعاقول، والصوابر، وأم صدة، ودسمان، والمقوع الشرقي، والصالحية، والقبلة وغيرها، ولا تزال اللوحات الإرشادية تحتفظ بتسميات الأحياء التراثية القديمة، لذلك نقول: لماذا لا تعيد بلدية الكويت للنقرة اسمها الأصيل، وتعود اللوحات الإرشادية تحمل هذا الاسم العريق في تاريخ أحياء، ومناطق الكويت التراثية القديمة. وعلى الإعلام المقروء، والمصور، والمسموع إحياء ذكريات النقرة، وتاريخها وتراثها العريق، حتى يعرف هذا الجيل، ويتعرف على تاريخ أعرق وأقدم مناطق الكويت السكنية، لأن النقرة سكنها أقدم، وأكبر، وأعرق عوائل الكويت، الذين توطنوا النقرة بعد خروجهم من المرقاب، والشرق والقبلة.
ولا تزال بعض مبانيهم شاهداً على التاريخ الكويتي الجميل، وعلى أصالة منطقة النقرة وأهلها، وهنا نقتبس أبياتاً من قصيدة شاعرنا الكبير (رحمه الله) منصور الخرقاوي، التي قال فيها:
"سلمولي على النقرة وأهلها جميع
وكل من جاور الغالي عزيز معاه
آه يا قلبي المجروح ليتك تطيع
وين تبرى من اللي يلبسون العباة
هايف القد والخصرين زوله بديع
كن خده قمر خمسة عشر في سماه
يدري أن مقامه بالضماير رفيع".
وبهذه القصيدة الغزلية نؤكد من خلالها رجاءنا إلى سعادة محافظ حولي، وسعادة رئيس المجلس البلدي، أن مقامهما وقدرهما عند أهل النقرة رفيع، ومن أجلهم هذه المناشدة نطلقها لتعود ذكرى النقرة من جديد، لأن أهلها الغالين يستاهلون، ولأن هذا الجيل يجب علينا ربطه بكل معالم الوطن ومناطقه العريقة التي تلاشت في ظل الحداثة والعمران الشاهق.
لذلك نقول: على "المجلس الوطني" الإقدام على حفظ ما تبقى من معالم منطقة النقرة العريقة والتاريخية، ضمن المحافظة على إدراجها في موسوعة الفكر والضمير، والثقافة الوطنية في جيلنا الحاضر، من خلال من تبقى من سادة وسيدات أهل النقرة وعوائلهم الكريمة، لهم ذكريات وقصص وحكايات، تثري روح الحركة الثقافية والتراثية، والاجتماعية الكويتية.
فهل تعود منطقة النقرة لصفحاتها المشرقة، ونعيد إحياءها من جديد قبل أن تختفي إلى الأبد؟
نحن سنظل نتابع هذه المناشدات حتى نعيد الضوء مجدداً إلى ربوع ومعالم وشوارع وفرجان النقرة بلوحاتها التعريفية والإرشادية.
والله المستعان، وتحية لأهل النقرة جميعاً.
كاتب كويتي
[email protected]