شهدت عمليات التجميل في السنوات الأخيرة طفرة، وانتشارا واسعاً، ولم تعد تقتصر على المرأة فقط، او على الحالات العلاجية، بل أصبحت وسيلة لتحسين المظهر.
في المقابل شمل هذا الانتشار الواسع التساؤل عن حدود المسؤولية الطبية والمهنية، وحقوق المرضى، والتزامات الطبيب لا سيما في ظل الزيادة اخيرا للنزاعات القضائية، المرتبطة بمثل هذا النوع من عمليات التجميل.
فعمليات التجميل تخضع لقواعد المسؤولية الطبية المشددة، خصوصا أنها تعتبر اعمالا اختيارية، ليلتزم فيها الطبيب بتحقيق نتيجة محددة، ومنتظرة، وليس مجرد بذل العناية.
ويكون الطبيب مسؤولا قانونيا إذا لم تتحقق النتيجة المتفق عليها، ما لم يثبت وجود خطأ من المريض نفسه، وذلك على خلاف العمليات العلاجية التقليدية، التي يسأل فيها الطبيب عن الخطأ الطبي فقط.
وقد نظم قانون مزاولة مهنة الطب البشري، وطب الاسنان، والقوانين واللوائح المنظمة للعمل الطبي في الكويت، والذي جعل الموافقة المستنيرة من أهم الركائز القانونية في علاج المرضي، سواء في العلاجات المرضية او عمليات التجميل وغيرها من العمليات، والتي الزمت الطبيب بتوقيع المريض عليها مع ضرورة، إبلاغ المريض بتفاصيل العملية كافة، والمخاطر المحتملة، والآثار الجانبية لها.
إذ يجب أن تكون موافقة المريض بأهليته الكاملة صريحة، ويكون على دراية بطبيعة الإجراء الذي سيتخذه الطبيب، وأي قصور في الإفصاح، أو تضليل في المعلومات، أو استخدام مواد تجميلية غير مرخصة، او منتهية الصلاحية، قد يرتب مسؤولية مدنية وجزائية على الطبيب، وتتراوح العقوبات بين الغرامة او الإيقاف عن مزاولة المهنة، او سحب الترخيص، وقد تمتد إلى جناية في بعض الحالات، وصولا إلى الحبس.
وفي حال وقوع خطأ طبي في عمليات التجميل، يحق للمريض اللجوء إلى القضاء، للمطالبة بالتعويض، مادي ومعنوي، عن الأضرار الجسدية، أو النفسية، أو التشويه الذي اصابه.
وفي المقابل لا يسأل الطبيب قانونياً عن النتيجة غير المرضية ما دام أثبت التزامه بالأصول الطبية المتعارف عليها، وحصوله على الموافقة المستنيرة الصحيحة، ولم يرتكب اهمالاً، أو تقصيراً، أو خطأ جسيماً مهنياً.
وقد اتى تشديد القضاء للعقوبات ضد اخطاء الأطباء، والعيادات الطبية المخالفة للوائح الصحية الصادرة عن وزارة الصحة، ووجود التنظيم القانوني لمثل هذا النوع من القضايا، ليحقق التوازن بين حق الفرد في تحسين مظهره وحماية المرضى من الاستغلال أو المخاطر.
فالجمال لا يجب أن يكون على حساب السلامة، أو خارج إطار القانون لحماية المجتمع، وصونا لحقوق المرضى.
محامية كويتية