الاثنين 29 ديسمبر 2025
16°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الكويت التي عاقبها وزراؤها ونوابها
play icon
كل الآراء

الكويت التي عاقبها وزراؤها ونوابها

Time
الأحد 28 ديسمبر 2025
خالد أحمد الطراح

قبل نهاية العام الميلادي، لا بد من أكثر من وقفة، ومراجعة دقيقة، وتحليل موضوعي، وتأمل جاد في المشهد السياسي.

الكويت لم تكن جنازة تُشيّع، ولن تكون جنازة سياسية، لكنها دولة لها ما ترويه، وتوثقه، وتعتب فيه على قرارات، وسياسات، ومواجهات، بل وعلى انحرافات كذلك.

مشى في جنازة الكويت السياسية – مجازاً – وزراء ونواب أمة سابقون، لا بوصفهم مشيّعين، بل باعتبارهم جزءاً من المشهد الذي قاد إلى هذا المآل.

الجرد السياسي يفرض علينا التوقف عند أكثر من موقف، وأكثر من انحراف، وزاري ونيابي.

فقد صاحبت السنوات النيابية الممتدة من 2013 إلى 2020 مشاهد كئيبة، كان أبرزها "زحف السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة التنفيذية"، وهو ما انتهى إلى حل مجلس 2020 بقرار حاسم، وتوجيه حكيم من القيادة السياسية.

ومن هنا، يبرز سؤال الاستحقاق النيابي والوزاري: استحقاق لم نتعرف على ملامحه، ولا مواعظه، ولا حتى استيعاب دروسه.

فالعمل السياسي يُصنع في الميدان، وميدان السياسة هو حكومات، ومجالس أمة سابقة، لكن المفارقة أننا نملك ميداناً يتيماً، بلا مراجعة، ولا تصحيح.

ففي هذا الميدان، لم نلحظ أي تشكيل سياسي مشترك بين وزراء ونواب أمة لانتشال الدولة، والدستور، والديمقراطية من العثرات، والانحرافات، والتعسف في استخدام الأدوات الدستورية، حتى انتهت الكويت إلى نفق سياسي مسدود.

وتجلّى بوضوح انسداد التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في مجلس 2020، والسنة النيابية 2022، التي شهدت إبطالاً دستورياً، أعقبته ظاهرة الصوت العالي لدى بعض نواب الأمة داخل المجلس وخارجه، خصوصاً في محطات انتخابات 2023 و2024، وهي محطات لا يجوز فصلها عن تراكمات الانحراف النيابي، والوزاري خلال الفترة 2013–2020.

وفي المقابل، لم تُبادر حكومة واحدة، ولا وزراء في موقع المسؤولية، إلى تصحيح المسار، أو ترسيخ قواعد الثقافة السياسية، والبرلمانية في العلاقة بين السلطتين، بل بدا المشهد وكأنه رقص على ملامح جنازة سياسية.

لم يقف وزير واحد على منصة الاستجواب ليسمّي الأمور بأسمائها، ويكشف مصادر الابتزاز السياسي من بعض النواب.

ولم يجرؤ – في الغالب – وزير على الاعتراف بالهزيمة، أو تقديم التنازل بوصفه قيمة سياسية، باستثناء من اختار الاستقالة من على منصة الاستجواب، أو قبلها أو بعدها، لا حمايةً للمسؤولية العامة، بل حمايةً للنفس الأنانية.

كانت الهزيمة، في جوهرها، هزيمة لحكومات تنازلت طوعاً عن مسؤولياتها الدستورية لصالح بعض النواب، ولصالح ظاهرة الغوغائية السياسية.

الوزير المُستجوب، غالباً، كانت عينه على مصالحه الفردية، وعلى فرصه السياسية المقبلة من بوابة انتخابات مجلس الأمة، أو بوابة المناصب الحكومية الإقليمية، والدولية.

والنائب، بين استجواب مشروع وآخر مفتعل، كان يسعى أحياناً إلى إرضاء قاعدة انتخابية، أو تسجيل فوز شكلي على حكومة ضعيفة، تخشى المواجهة الدستورية الحقيقية.

اشتعلت نيران القبلية، والطائفية، والفئوية، والمناطقية، وامتد لهيبها إلى الكويت، و"مكتسباتها الوطنية"، فيما غابت أي مبادرة، نيابية أو حكومية، جادة لإخماد هذا الحريق السياسي.

وتحولت الساحتان، النيابية والحكومية، وكواليسهما، إلى ما يشبه أسواق المساومات، أو تجارة "الخردة"، وانتقام غير واضح المعالم من "مكتسبات وطنية" أرسى قواعدها دستور 1962.

لقد مضى على تعليق بعض مواد الدستور، وحل "مجلس 2024"، وقت كافٍ لمراجعة الأخطاء الوزارية، والنيابية، والاعتراف بالنجاحات كما بالهزائم، ومقارنتها بموضوعية ومسؤولية.

ولعل العام الجديد، 2026، يكون عام التفاؤل، والتجديد، والمصالحة الوطنية، والمعالجة الحصيفة لانحرافات الماضي القريب، كي تعود روح الديمقراطية إلى مهدها، ونظامها، وشعبها.

كل عام والكويت، قيادةً وشعباً، بخير.

KAltarrah@

آخر الأخبار