أبو الحسن... صاحب الطريقة الشاذلية

إعداد - نسرين قاسم:

"إذا ثقل الذكر على لسانك، وكثر اللغو في مقالك وانبسطت الجوارح في شهواتك، وانسد باب الفكرة في مصالحك، فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك أو لكون إرادة النفاق في قلبك، وليس لك طريق إلا الطريق، والإصلاح، والاعتصام بالله والإخلاص في دين الله تعالى".
هذه كلمات العارف بالله حكيم المتصوفين الإمام أبوالحسن الشاذلي، والذي قال أيضا"من لم يزدد بعلمه وعمله افتقارًا إلى ربه، وتواضعا لخلقه، فهو هالك".

مولده ونسبه
هو الإمام أبو الحسن علي بن يوسف، ولد سنة 591 هـ، يعود نسبه إلى إدريس بن عبدالله بن الحسن بن علي بن علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد بـ"شاذلة" وهي قرية في إفريقيا بالقرب من مدينة تونس، ولهذا أطلق عليه بالشاذلي نسبة إلى قريته وقد جاء للإسكندرية وأقام بها، وأسس المذهب الصوفي الشاذلية.
معلمو الشاذلي
تلقى "الشاذلي" علوم القرآن الكريم والحديث على يد شيوخ قريته، وبعد ذلك اتجه إلى مدينة "فاس"وبدأ هناك تعلم وإتباع طريق التصوف على يد الصوفي الكبير عبد الله بن أبي الحسن بن حرازم، وهو تلميذ سيدي أبي مدين، ثم اتجه إلى مدينة "تونسط، وتلقى علوم الشريعة وتفقه على مذهب "الإمام مالك، ودرس علوم الفقه والأدب.
عرف أيضا بمصاحبته للشيخَ نجم الدين ابن الأصفهاني، نزيل الحرم وابن مشيش وغيرهم، كما سافر أبو الحسن العراق والتقى بالشيخ عبد السلام بن مشيش إمام أهل المغرب.
وقال "الشاذلي" في ذلك: "لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطي فما رأيت بالعراق مثله، وكنت أطلب القطب، فقال لي: "تطلب القطب بالعراق وهو في بلادك، ارجع إلى بلادك تجده" فرجعت إلى المغرب إلى أن اجتمعت بأستاذي الشيخ الولي العارف الصّديق القطب الغوث أبي محمد عبد السلام بن مشيش الشريف الحسني".
منهجه وفهمه للعقيدة
يعتبر "الشاذلي" من المتصوفين الأكثر روحانية مع استخدامه العقل، وعدم الوصول حالة الشذوذ والانحراف المذهبي، كما فعل الكثير من المتصوفة ولهذا لايزال كبار العلماء حتى وقتنا هذا يؤمنون بالمذهب الشاذلي، ولا يرون هناك بعدا أو انفصالا عما جاءت به السنة ويرونه من الشيوخ الروحانيين المؤمنين غير المخالفين للسنة والسلف الصالح.
وصفه الشيخ أبو العزائم، وهو أحد تلاميذ الشاذلي والقائمين على خدمته وصفه بقوله: "أأدم اللون، نحيف الجسم، طويل القامة، خفيف العارضين، وكان فصيح اللسان، عذب الكلام"، كما يعتبر أحمد أبو العباس الـمُرسي، هو أحد تلاميذ ومتبعي الطريقة الشاذلية، وكذلك ياقوت العرش ابن عطاء الله السَّكَنْدَرِيُّ.
ومع الوقت انتسب إلى الطريقة الشاذلية بعض الأشخاص المنحرفين عن المذهب الشاذلي الحقيقي وهم فرقة من متأخري الشاذليه، لذلك يراهم الكثيرون كفرقة انحرفت عن أُصول التوحيد الذي هو أصل العقيدة الشاذلية الصحيحة.
أقواله "عليك بالاستغفار وإن لم يكن هناك ذنب، واعتبر باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه، وما تأخر هذا في معصوم لم يقترف ذنباً قط وتقدس عن ذلك فما ظنك بمن لا يخلو عن العيب، والذنب في وقت من الأوقات".
وأيضا "أربع لا ينفع معهم علم، حب الدنيا، ونسيان الآخرة، وخوف الفقر وخوف الناس". كما قال "أصدق الأقوال عند الله تعالى قول لا إله إلا الله على النظافة، وأدل الأعمال على محبته تعالى لك بغض الدنيا، واليأس من أهلها على الموافقة".