منوعات
أبو دياب: أدين للكويت بالكثير وأتحين الفرصة لأخدمها ثقافياً
الاثنين 23 سبتمبر 2019
5
السياسة
* نجاح الكاتب مرهون بالوصول إلى ضمائر الناس وقلوبهم* لا بد أن يكون المبدع صاحب فكرة وإلا سيكتب عن اللاشيء* مازلت أحبو ولا أعلم كيف تكون الخطوة بعد الجائزة * بعيداً من الشعارات الزائفة "الوضع الثقافي العربى... سيئ"* المشهد العربي الحالي لا يحفز على قراءة إنتاجه الأدبي* قلقي من النقاد يجعلني أدقق كثيراً في كل حرف أكتبه القاهرة - رحاب أبو القاسم:دخل عالم الأدب منذ نعومة أظافره، ونال عددا من الجوائز سواء "إقليمية، ومحلية، ودولية". يتعامل مع الكتابة بحب، وجدية والتزام، يعتبرها ضمير الكاتب الحي وقلبه النابض، تعلم منها الصبر، والصمود، والحكمة،واستقراء الناس. الكاتب أحمد أبو دياب الذي فازت مؤخرًا مجموعته القصصية "التقاط الغياب" بالمركز الثاني في جائزة الشارقة للإبداع العربي، بعد منافسة قوية مع 100 مجموعة قصصية أخرى، أكد في حوار مع "السياسة" أنه يعتبر الكويت بلده الثاني ويدين لها بالكثير، لافتا إلى أن والده عمل فيها أكثر من ثلاثين عامًا وهو يسعى لخدمة الثقافة الكويتية بالشكل المناسب، وفيما يلي التفاصيل:كيف بدأت رحلتك مع الأدب؟ولدت في العام 1994 بمحافظة قنا،في أسرة بسيطة متوسطة الحال، حصلت على ليسانس في اللغة الإنجليزية وآدابها من كلية الآداب، جامعة جنوب الوادي، ثم الدبلوم العام في التربية من كلية التربية،جامعة الأزهر، شرعت مبكرًا في طرق باب القراءة منذ كنت في المرحلة الابتدائية، بدأت محاولات الكتابة مبكرًا نتيجة للوعي والإدراك المبكر بفعل قراءاتي منذ طفولتي، وكانت لي محاولات مبكرة للامساك بالقلم ومحاولة نظم قصيدة في فترة ما قبل المرحلة الثانوية، لكن الكتابة التي قد نسميها احترافية نوعا ما كانت أثناء الدراسة الجامعية.ما ثمار رحلتك الأدبية حتى الآن؟حصلت على عدد من الجوائز "إقليمية،ومحلية،ودولية"، ونشرت في صحف ومجلات ومواقع كثيرة في مصر والوطن العربي، ومازلت أعتبر نفسي أحبو في عالم الكتابة.ماذا عن جائزة الشارقة للإبداع العربي؟جائزة عربية دولية ترعاها وتقدمها دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة في الإمارات العربية، برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، لدعم الشباب العربي المبدع من الجنسين دون سن الأربعين، وقد حصلت على المركز الثاني خلال الدورة الأخيرة، عن مجموعتي القصصية "التقاط الغياب".هل توقعت الفوز؟نعم توقعته بسبب اهتمام الجمهور، كنت متفائلًا وانتظر الخير، راضيا عن عملي بشكل كبير حتى لو لم يحقق الجائزة.ماذا تعني لك هذه الجائزة؟دفعة للاستمرار، وإشارة إلى أنني أسير في الطريق الصحيح، ومسؤولية ليست هينة، يكفي أن الفائزين بها أسماء كبيرة منذ دورتها الأولى وحتى الدورة الأخيرة، أرى أن ذلك فوز طويل الأجل، وسعادة ممتدة، وفخر متجدد.كيف تقدمت للمسابقة؟تقدمت بعملي نهاية شهر أكتوبر من العام المنصرم، وأعلنت النتيجة في نهاية شهر ديسمبر من العام نفسه، وكان الإعلان عنها مبكرًا عن الموعد المعتاد بشهرين، لذلك عندما تلقيت خبر فوزي كان الأمر غير متوقع حتى بالنسبة للتوقيت، فرحت أن الله تعالى وفقني للفوز."التقاط الغياب"هل كانت المنافسة قوية؟بالفعل، فازت مجموعتي القصصية "التقاط الغياب" بعد منافسة قوية وصعبة، فالمجموعات القصصية التي تقدمت للمسابقة كانت 102 مجموعة قصصية من 20 دولة عربية وإسلامية وناطقة بالعربية، لذلك فمجموعتي نافست 100 مجموعة قصصية، كانت في النهاية ضمن الثلاث مجموعات الفائزة، لذا ثمة شيء ما يلفت الانتباه ويستحق النظر بإمعان في المجموعة دفع اللجنة لأن تختارها لتفوز.ما القضية التي تدور حولها القصص؟تتكون من خمسة أقسام، تضم خمسة وعشرين قصة موزعة بالتساوي على كل قسم، كانت نتاج هموم إنسانية حملتها وأردت رصدها من خلال ما كتبته، تناولت من خلالها فكرة الغياب ما بين البشر بأشكال عدة، انطلقت كذلك لعالم الحيوانات، الجمادات، الميتافيزيقيا، الفانتازيا، مدارات العالم الصوفي.لماذا اخترت " التقاط الغياب" عنوانا لها؟ ربما لأن الغياب كان الحاضر بشدة من خلال كل القصص، تناولت الغياب بشكل أزعم أنه مختلف أو يحمل مسحة اختلاف، الغياب كان كمعادل موضوعي لكل الفقد، الغياب نفسه كحاضر يعيش بيننا جراء ما يحدث من خلاله، مثل غياب بعض الأشخاص، الأشياء، التفاصيل، القيم.كم استغرقت في كتابتها؟عاما كاملا، بذلت كل ما بوسعي، صببت كل طاقتي ووعيي المرحلي وقتها، حتى تخرج للنور في وقتها، وأنا راض عنها نسبيًا، لأن الرضا الكامل يعني التوقف والركود.هل قابلت صعوبات أثناء الكتابة؟لابد أن يجابه الكاتب الصعوبات، لأن الكتابة عبارة عن مغامرة، كتابة نص يعني أن تحل مشكلة بين الخيال والواقع، تصالحهما بوثيقة ترضي جميع الأطراف.كيف كان شعورك عند الانتهاء منها؟راحة وإحساس بالإنجاز والانتصار بغض النظر عن الجائزة التي كُلّلت بها، أن انتهى من نصً ادبى يعني متعة كاملة وشبق روحي يؤدي إلى نشوة رائعة.ماذا عن الكتابة للمسرح؟ شاركت في كتاب جماعي يحمل نصوصا مسرحية لعدد من كتاب الجنوب الشباب؛ لي فيه مسرحية تراثية اسمها "بهية وياسين عند سدرة الهوى"، لدي أيضامشروعات حالية في الكتابة المسرحية، أبدأ قريبًا في العمل عليها.هل الكتابة للمسرح مختلفة عن غيرها؟طبعًا، فالمسرح هو الأب الروحي لكل الفنون والآداب، عالم مختلف لابد من الحذر قبل الخوض فيه.من أين تستقي أبطال كتاباتك؟مني، ومن الناس،ومن كل مكان وزمان، البطل هو "أنا، أنتِ، كلنا"، لكن عندما نتحلى بالشجاعة لحظة اتخاذ القرار أو تنفيذه، عندما نصنع فارقًا، نشكل حجمًا، نأخذ حيّزًا ما في هذا الفراغ الممتد.هل كتاباتك واقعية أم خيالية أم مزيج؟ مزيج بين الواقعية، الواقعية السحرية، الفانتازيا، كل حالة تفرض نفسها وطريقة كتابتها.اللغة ضميرماذا عن مفرداتك اللغوية؟ اللغة ضمير الكاتب الحي وقلبه النابض، الوسيط بين الكاتب والقارئ، الوعاء الذي يحمل المعنى،الناقل لكل إشارة ودلالة، لذا أتعامل مع اللغة بكل حب، جدية، التزام.ماذا عن اختيارك ضمن أفضل خمسة كتّاب قصة قصيرة لمحافظات جنوب الصعيد؟اخترت من قِبل مؤسسة روبرت بوش الألمانية في نوفمبر 2018، كان من الأمور الجميلة،تجربة اكسبتني خبرات جديدة،تعرفت من خلالها على كتاب شباب مهمين من صعيد مصر الغني بالموهوبين. كيف فزت في مسابقة"قصص على الهواء"؟حصلت على المركز الثالث في مجال القصة القصيرة على مستوى الوطن العربي في مسابقة "قصص على الهواء"، في أبريل 2017م، التي تنظمها مجلة "العربي" الكويتية بالتعاون مع إذاعة مونت كارلو الدولية الناطقة باللغة العربية فى باريس، وأعتبر فوزي بالجائزة من النقاط المضيئة التي اتكأت عليها في انطلاقتي.الكويت بلدي الثاني ماذا تمثل الكويت لك؟اعتبرها بلدي مثل مصر تمامًا، فوالدي يعمل فيها منذ حوالى ثلاثين عامًا،كما كان جدي يعمل هناك، حاليًا أغلب عائلتي تعمل واستقرت هناك، خيرات الديرة وأياديها البيضاء واضحة لا أنكرها، أدين للكويت بالكثير،لن أتردد في أن أمضي بقية عمري هناك، أتحين الفرصة لأخدم الثقافة الكويتية بالشكل المناسب.كيف ترى مشاركتك في تحكيم مسابقات أدبية؟التحكيم في مسابقة أدبية وأن أكون منوطًا بإصدار حكم على نص وكاتبه،مسؤولية أحاول تقديرها واعتناقها جيدًا.متى ينجح الكاتب؟ عندما يصل إلى ضمائر الناس وقلوبهم، النجاح أحس به عندما أعلق وما كتبته في ذاكرة أحد ما، الجوائز جزء من النجاح، لكنها في النهاية وسيلة وليست غاية، الكاتب الحقيقي لابد من أن ينصفه الزمن بأي شكل.هل تخاف من رد فعل الجمهور والنقاد أثناء كتابة أعمالك؟نعم أخاف، لكنه خوف لا يوقفني بل يجعلني أدقق كثيرا في كل حرف أكتبه قبل أن يراه الناس، إنني قادر على العطاء و تقديم ما يحترم عقلية القارئ والناقد.المؤلف والناقدما علاقة المؤلف بالناقد؟حساسة ومتشابكة، من المفروض أن يعمل الاثنان على النص، كلٌ من منصّته وموقعه، لتقديم النص ودلالاته للناس بكل حب واحترام وصدق.هل تستهدف قارئا محددا؟ الإنسان في كل مكان في العالم، من يحس،يتفاعل،يقرر.ما رسالتك لجمهورك من خلال كتاباتك؟ أن يشعر الإنسان بمعاناة أخيه في الإنسانية ويساعده على الخلاص.بمن تأثرت ومن مثلك الأعلى؟تأثرت بكل ما قرأته، استفدت من الجيد الذي شكل وعيًا وفرقًا بالنسبة لي، مثلي الأعلى من يكتب النص الأقرب للاكتمال.هل أنت راض عن كتاباتك حتى الآن؟ راض بشكل يدفعني لتطوير نفسي، أؤمن أن أفضل نص هو الذي لم يكتب بعد.ما رأيك في الوضع الثقافي العربي؟سيئ للأسف، نحتاج أن نتكاتف بشكل حقيقي لسد الفجوة بيننا وبين العالم، بعيدًا عن الشعارات الزائفة والمشاعر المؤقتة التي لا تدوم.من الكتاب الذين تتشوق لقراءة انتاجهم؟أحب كل كتابة جادة ومثمرة، أغلب قراءاتي في القديم، المشهد العربي الحالي لا يحفز على قراءة إنتاجه إلا بالنذر اليسير.ماذا تعلمت من الكتابة؟ الصبر،الصمود، الحكمة، استقراء الناس، كل يوم أتعلم جديدا بمرور الناس فيّ، أقول "فيّ" لا "عليّ" لأن من لا يمر بداخلى فلا تأثير له علي.ماذا يشغلك حاليا؟قطعًا تشغلني الإنسانية بالقدر الذي يجعل منىي إنسانًا حقيقًيا يحمل قضية وهمًّا، لا فقط ألوح بكلام وأتبنى شعارات لا أطبقها، ألا أكون سببًا في إيلام إنسان آخر، أريد للشر أن لا يستفحل أكثر،فالكفة الآن غير متزنة بالمرة.هل لديك صفات يجهلها الآخرون؟ لم أعرف نفسي بالقدر الكافي حتى الآن، لكن كل الذي أعرفه عني ظاهر للناس بأكبر قدر ممكن، لكن ينعتني البعض بالغموض أحيانًا، لا أتصنع ذلك، ربما توجد أمور متعلقة بشخصية كل منا لا دخل له فيها.هل يجب أن يتبنى الكاتب فكرا معينا؟لابد أن يكون الكاتب صاحب فكرة وإلا سيكتب عن اللاشيء.جيل الثورةما علاقة كل كاتب بجيله؟الظروف والقضايا الراهنة تسيطر على كل حقبة، إذا لم تحدث "الثورات" العربية السنوات الفائتة، ما نشأ مصطلح "جيل الثورة" على الكتاب الشباب الحاليين، لا يهم أن يأتي الكاتب في جيل معين، يبقى التحدي الحقيقي هو صناعة الفارق وإنتاج نصوص تصمد ضد عامل الوقت، تحقق تجربة ناضجة متكاملة إبداعيًا وفكريًا.ما كتاباتك القادمة؟"أفواه مفتوحة لا تبتسم"مجموعة قصصية تصدر قريبًا داخل مصر، كما توجد لدي مشروعات في القصة القصيرة والمسرح، الرواية بالنسبة لي مشروع مؤجل بعض الوقت.