الجمعة 02 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

أبو ذؤيب الهذلي... فقد أولاده الخمسة في الجهاد

Time
الثلاثاء 20 أبريل 2021
View
130
السياسة
شعراء النبي

إعداد - نسرين قاسم

"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تكرس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة".

هو خويلد بن خالد بن محرث أبو ذؤيب، لقب بالهذلي، نسبة إلى قبيلته بني هذيل، وهو شاعر مخضرم وكان سيدا في قومه، عاصر الجاهلية والإسلام، وفد على النبي ليلة وفاته فأدركه وهو مسجّى على فراش الموت فأسلم، وشهد دفنه، حضر البيعة لأبي بكر في السقيفة، وشارك في الكثير من الغزوات والفتوحات الإسلامية وتروى عنه الكثير من الاشعار.
يحكي الرواة عن ممارساته العابثة قبل إسلامه، إذ كان يتعقب النساء ويطاردهن، وأورد في شعره أبياتا يحكي فيها عن علاقة حب جمعته بامرأة كان يكنيها بأم عمرو، وقد ربطته بخالد بن زهير ابن أخته ومبعوثه إلى حبيبته أم عمرو وكاتم أسراره، علاقة ود، وظل كذلك حتى أدار خالد ظهره للقرابة والصداقة واتخذ من أم عمرو حبيبة له، فأحس أبو ذؤيب بالخيانة، وأنكر على خالد فعلته وعاتبه، ظناً أنه سيتراجع لكنه لم يفعل، فانسحب من حياتهما واستنكر على أم عمرو دعوتها قائلاً:
وَالدَّهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِه
جونُ السَّراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُ
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
تحول بعد اسلامه شخصا مختلفا مدافعا عن الاسلام بسيفه وشعره، حتى قيل انه مات غازيا، يروى أن أبا ذؤيب جاء إلى عمر في خلافته، فقال: يا أمير المؤمنين، أيُّ العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله، قال: قد فعلت، فأيُّ العمل بعده أفضل؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: ذاك كان عليّ، ولا أرجو جنةً ولَا أخشى نارًا، فتوجَّه مِنْ فَوْرِه غازيًا هو وابنه وابن أخيه أبو عبيد حتى أدركه الموت في بلاد الروم.
إن جمال لغته الشعرية لم يكن فقط فيما يبثه من مشاعر وأحاسيس فياضة، فالألفاظ الرصينة وحسن السبك جعلت له مكانة تشهد له بالبراعة إذ إنه ممن يشهد لهم بالفحولة الشعرية، فشعره رصينٌ، واحيانا كان يلجأ الى لغة صعبة وعرة التفاصيل، كما يلجأ فيها إلى استخدام الألفاظ الغريبة:
بـــقـرار قيـعـان سـقـاهُ وابـلُ
واهٍ فأثجمَ برهةً لا يقلعُ
إلا ان اشعاره لا تقتصر على غريب الألفاظ، بل تعدت ذلك إلى جودة المعنى، كقوله:
وَالنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَهَ
وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ.
شهد له حسان بن ثابت عندما سُئل عن أشعر الناس قال: "الهذلي أشعر الناس حيا، له بيت شعر من أبرع ما قالت العرب".
خرج في عهد عثمان بن عفان غازيا في فتح أفريقيا تحت إمرة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وعاد مع عبد الله بن الزبير، والمسلمون حاملو بشرى النصر والفتح إلى الخليفة.
هاجر إلى مصر بعد فتحها وفتك الطاعون -الذي حل بها في السنة الثامنة عشرة للهجرة- بأولاده الخمسة فماتوا في عام واحد، فحزن بشدة ورثاهم قائلاً:
أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمعتب من يجزعُ
قالت أمامة ما لجسمك شاحبا
منذ ابتذلت ومثل مالك ينفعُ
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعاً
إلا أقض عليك ذاك المضجعُ
فأجبتُها أن ما لجسمي أنه
أودى بني من البلاد فودعوا
آخر الأخبار