محمد الفوزانعالم وداعية ربما تسمع عنه للمرة الاولى، أدخل 15 دولة إفريقية في الإسلام، كان زعيما سياسيا وعالما، قضى معظم حياته مجاهدا في سبيل الله وداعية في غرب افريقيا.الكثير منا يعرف يوسف بن تاشفين أسد الجهاد والرباط، لكن يجهل البعض أميره وقائده الذي فتح الله على يديه نحو 15دولة، وكانت له صولات وجولات عظيمة، ودخل على يديه الإسلام الملايين.بعد استشهاد الشيخ عبد الله بن ياسين مؤسس دعوة المرابطين تولى الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني زعامة المرابطين في سنة (451هـ- 1059م)، وخلال سنتين من قيادته سجل التاريخ ما يعرف بدولة المرابطين الصغرى، وكانت مساحتها صغيرة في شمال السنغال وجنوب موريتانيا. وفي سنة (453هـ- 1061م) سمع ان خلافا نشب بين المسلمين في جنوب السنغال خارج دولته، ولعلمه أن الخلاف شر، ولو استشرى بين الناس فلن يكون هناك مجال للدعوة، نزل بعجالة ليحلّه، رغم أن الناس ليسوا في جماعته ولا من قبيلته، لكنه وبحكمة بالغة استطاع أن يهدئ النفوس وينهي الخلاف.تفاجأ بوجود قبائل وثنية لا تعبد الله بالكلية، فبضعها يعبد الأشجار والأصنام وغير ذلك، لم يصل إليها الإسلام بالمرة.حزّ ذلك في نفسه حيث كان قد تعلّم من الشيخ عبد الله بن ياسين أن يحمل همّ الدعوة إلى الله، فأقبل أبو بكر بن عمر اللمتوني بالسبعة آلاف الذين معه يعلمونهم الإسلام، ويعرفونهم دين الله، وبصبرٍ شديدٍ ظلّ اللمتوني يدعوهم إلى الإسلام، فدخل منهم جمع غفير وقاومه جمع آخر.ظل أبو بكر بن عمر يتوسع في دعوته وفي سنة (468هـ- 1076م)، وبعد 15سنة من تركه جنوب موريتانيا عاد فرأى ابن عمه الأمير يوسفَ بن تاشفين الذي كان قد تركه على شمال السنغال وجنوب موريتانيا فقط أميرًا على السنغال، وموريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وجيشه يصل إلى مئة ألف فارس، يرفعون راية دولة أسمها دولة المرابطين الكبرى، ثم رأى ابن عمه الأمير يوسف ابن تاشفين زاهدًا تقيًّا، عالمًا بدينه.فاقدم اللمتوني على عملٍ لم يحدث إلا في تاريخ المسلمين فقط؛ حيث قال ليوسف بن تاشفين:" أنت أحقُّ بالحكم مني تستطيع أن تجمع الناس وتملك البلاد، أمَّا أنا فقد ذقت حلاوة دخول الناس في الإسلام، فسأعود مرَّة أخرى إلى أدغال افريقيا أدعو إلى الله هناك".وبالفعل نزل أبو بكر بن عمر مرة أخرى إلى أدغال افريقيا يدعو من جديد فأدخل الإسلام في غينيا بيساو، وسيراليون، وساحل العاج، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وغانا، وبنين، وتوغو، ونيجيريا، والكاميرون، وافريقيا الوسطى، والغابون وغيرها، وبعد حياة طويلة متجرِّدة لله تعالى استشهد في أحد فتوحاته في سنة (480هـ-01087م) رحمه الله.قال عنه الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية":" أبو بكر بن عمر أمير الملثمين كان في أرض فرغانة، اتفق له من الناموس ما لم يتفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدو خمسمئة ألف مقاتل، كان يعتقد طاعته، وكان مع هذا يقيم الحدود ويحفظ محارم الاسلام، ويحوط الدين، ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية، أصابته نشابة في بعض غزواته في حلقه فقتلته".وقال عنه الدكتور علي الصلابي في "الجوهر الثمين بمعرفة دولة المرابطين":" لقد كان أبو بكر بن عمر من أعظم قادة المرابطين، واتقاهم وأكثرهم ورعًا ودينًا وحبًا للشهادة في سبيل الله، وساهم في توحيد بلاد المغرب، ونشر الإسلام في الصحارى القاحلة وحدود السنغال والنيجر، وجاهد القبائل الوثنية حتى خضعت وانقادت للإسلام، ودخل من الزنوج أعداد كبيرة في الإسلام، وساهموا في بناء دولة المرابطين الفتيّة، وشاركوا في الجهاد في بلاد الأندلس، وصنعوا مع إخوانهم المسلمين في دولة المرابطين حضارة متميّزة".ما من شك أنه كلما صلى رجل صلاة في النيجر، أو مالي، أو نيجيريا، أو غانا، وكلما فعل أحد منهم من الخير شيئا، إلا وكان للشيخ المجاهد أبو بكر بن عمر اللمتوني مثل أجرهم...لا ينقص من أجرهم شيئا.رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.إمام وخطيب
[email protected]