"أحلى الليالي" مع سلمان زيمان في "اليرموك"

كتب ـ مفرح حجاب:


لم تتحمل قاعة مسرح مركز اليرموك الثقافي التابع لدار الآثار الإسلامية الأعداد الغفيرة من الجمهور، الذي توافد بالمئات لحضور حفل الفنان البحريني الكبير سلمان زيمان، وأمام الضغط الجماهيري غير العادي اضطرت الإدارة إلى إغلاق الأبواب عند امتلاء المسرح، جريا على عادتها، حتى ان بعض المصورين والإعلاميين لم يتمكنوا من الدخول، وحتى لا تحرم إدارة مركز اليرموك الثقافي الجمهور من متابعة حفل زيمان، وضعت شاشات خارج المسرح ليتابع عدد كبير ممن لم يتمكن من دخول المسرح الحفل عبرها.
زيمان لم يكن لديه خيار في هذه الليلة سوى الإبداع، مع هذا الكم الكبير من الجمهور، الذي ملأ جنبات المسرح، جلوسا ووقوفا، حتى ضاق به المكان، فافترش الكثيرون ساحة الديوانية بعدما امتلأت مقاعدها هي الأخرى بأعداد غفيرة، فصال المطرب البحريني الكبير وجال وقدم تنوعا موسيقيا وغنائيا، أبهر من خلاله الحضور وأعاد إلى الأغنية الخليجية هيبتها من جديد، من خلال أعمال تخاطب الوجدان ومدركات العقل بكل جوارحه. رسائل من الشوق والحب والذكرى والحنين حملتها أغنيات سلمان زيمان من شواطئ مملكة البحرين إلى الكويت عبر أمسية غنائية مميزة وفريدة انتظرها الجمهور الكويتي كثيرا. ولعل ما لفت الانتباه هي حالة الهدوء التي تميز بها رغم صيحات الجمهور طربا واعجابا.
الجميل في هذه الأمسية ان الفنان زيمان يواكب كل جديد في طريقة عرضه الألحان على خشبة المسرح، ومعه كم كبير من العازفين المتميزين من ساكسفون الى الوتريات وإيقاعات متنوعة، الأمر الذي جعل الجماهير تصل الى عدد قياسي.
زيمان حلق بالجمهور المتواجد في المسرح وكذلك الموجود في الخارج الى افاق طربية أصيلة، وبالرغم من هدوئه اللافت وحركته القليلة على خشبة المسرح إلا انه أسر وجدان الحضور بما قدمه من ألوان غنائية متنوعة، حيث قدّم فيها الرومانسي والكلاسيكي، ولعل ما يجدر ذكره هو ان الفنان زيمان ينتقي كلمات اغنياته بعناية شديدة ويتعب على إيجاد صيغة لحنية لها، لذلك تأتي كل الأعمال التي يقدمها مدهشة، فما بين "احلى الليالي"، و"ربوع الشمال" استمتع الحضور بنوعية مختلفة من الطرب، حيث قدم مجموعة متنوعة من الأعمال الغنائية كان من بينها "أحلى الليالي"، "أقبل العيد"، "أم الجدايل"، "ابو الفعايل"، "الله الله بالأمانة"، "شربة ماء"، "كان ذا أول"، "ذكريات ربوع الشمال"، لينهي ليلة من ليالي الطرب الجميل والحضور الجماهيري الرائع.
ويعد سلمان زيمان أحد الفنانين الخليجيين ذوي البصمة المميزة في عالم الغناء، حيث أبدع بغناء القصائد العربية الفصحى واللون العدني إضافة إلى الأغنيات العامية، التي دائما ما تحمل معاني من الأخلاق والفكر والصوت الصادق. كما يعتبر زيمان أحد المطربين المؤمنين بالقضية الفلسطينية، إذ كرس صوته وفنه لها بالعديد من الأغنيات.
ويظل عطاء الفنان البحريني راسخا في الذاكرة ونابضا بالمعاني القيمة، حيث قدم للساحة الفنية اعمالا جميلة وذائقة فنية تلذذ بسماعها محبو الفن والتجديد، مثل: "يا مقلة عيني"، "هيفاء"، و"الطائر الهيمان"، فضلا عن تقديمه أغنيات باللون العدني مثل "الحب أسرار" وغيرها، مما جعل له قاعدة جماهيرية كبيرة في الخليج والوطن العربي بأكمله.