الأخيرة
أحمد بن مسكين والشهوة الخفيّة
الأربعاء 07 سبتمبر 2022
880
السياسة
محمد الفوزانﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻦ اﺣﻤﺪَ ﺑﻦِ ﻣﺴﻜﻴﻦ؛ ﺃﺣﺪِ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻓﻲﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ،ﻗﺎﻝ رحمه الله:" اُمتحنت ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﺳﻨﺔ 219، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻲ امرأة ﻭﻃﻔﻠﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻉ ﻳﺨﺴِﻒ ﺑﺎﻟﺠَﻮﻑِ ﺧﺴﻔﺎً، ﻓَﺠَﻤﻌْﺖُ ﻧﻴّﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮّﻝ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺃﺗﺴﺒﺐ ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻠﻘﻴﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ؛ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﺒﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ؛ ﻓﺪﻓﻊ ﺇﻟﻲَّ رقاﻗﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻠﻮﻯ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻃﻌﻤﻬﺎ ﺃﻫﻠﻚ ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻱ. فلما كنت ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻴﺘﻨﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻲ، ﻓﻨﻈَﺮَﺕْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮقاقتين ﻭﻗﺎﻟﺖ:" ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ، ﻫﺬﺍ ﻃﻔﻞ ﻳﺘﻴﻢ ﺟﺎﺋﻊٌ، ﻭﻻ ﺻﺒﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﻉ، ﻓﺄﻃﻌﻤﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ"، ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲَّ ﺍﻟﻄﻔﻞُ ﻧﻈﺮﺓ ﻻ ﺃﻧﺴﺎﻫﺎ، ﻓﺪﻓﻌﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ: ﺧﺬﻱ ﻭﺃﻃﻌﻤﻲ ابنك! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﺻﻔﺮﺍﺀ، ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻱ ﻟﻤَﻦ ﻫﻮ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻓﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ، ﻭﺃﺷﺮﻕ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﺒﻲ.ﻣﺸﻴﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻬﻤﻮﻡ، ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ، ﻭﺇﺫ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﺇﺫ ﻣﺮّ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺮحا، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻣﺎ ﻳُﺠﻠﺴﻚ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ، ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ؟ﻗﻠﺖ: ﺳﺒﺤﺎﻥ الله!ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻧﺼﺮ؟ﻗﺎﻝ: ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ مِن ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻚ ﺃﻭ ﺃﺣﺪٍ ﻣِﻦ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻣﻌﻪ ﺃﺛﻘﺎﻝٌ ﻭﺃﺣﻤﺎﻝٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ!ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﺎ ﺧﺒﺮﻩ؟ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﺗﺎﺟﺮ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻙ ﺃﻭﺩَﻋﻪ ﻣﺎﻻً ﻣِﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ! ﻓﻌﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠّﻞ، ﻓﺠﺎﺀﻙ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺑﺤﻪ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ.قال ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻜﻴﻦ: ﺣﻤﺪﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﺗﻪ، ﻭﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎجة ﻭابنها، ﻓﻜﻔﻴﺘﻬﻤﺎ ﻭﺃﺟﺮَﻳﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺭِﺯﻗﺎً، ﺛﻢ ﺍﺗّﺠﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺃزيد ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ، ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ.ﻭﻛﺄﻧﻲ ﻗﺪ ﺃعجبتني ﻧﻔﺴﻲ، ﻭﺳﺮّﻧﻲ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ مُلأَت ﺳِﺠِﻼﺕُ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔِ ﺑﺤﺴﻨﺎﺗﻲ، ﻭﺭﺟﻮﺕ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﻛُﺘِﺒﺖُ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ من ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ!ﻓﻨﻤﺖُ ﻟﻴﻠﺔً؛ ﻓﺮﺃيت كأنني ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻳﻤﻮﺝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ببعض، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻭُﺳِّﻌَﺖ ﺃﺑﺪﺍﻧُﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣﺠﺴﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺨﺰﻳﺎﺕ، ﺛﻢ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ، ﻭﺟﻲﺀ ﺑﻲ ﻟﻮﺯﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ، ﻓﺠُﻌِﻠﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻛِﻔﺔ، ﻭﺃﻟﻘَِﻴﺖ ﺳِﺠﻼﺕُ ﺣﺴﻨﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻓﻄﺎﺷﺖ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ، ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ. ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺻﻨﻌﻪ!ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺤﺖ ﻛﻞ ﺣﺴﻨﺔٍ ﺷﻬﻮﺓٌ ﺧﻔﻴﺔٌ ﻣِﻦ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻛﺎﻟﺮﻳﺎﺀ،ِ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭِ، ﻭﺣﺐِ ﺍﻟﻤَﺤْﻤﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻲ ﺷﻲﺀ، ﻭﻫﻠﻜﺖُ ﻋﻦ ﺣﺠﺘﻲ، ﻭﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ: ﺃﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺷﻲﺀ؟ﻓﻘﻴﻞ:" بقي ﻫﺬﺍ، ﻭأنا ﺃﻧﻈﺮ ﻷﺭﻯ ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭابنها، ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻫﺎﻟﻚ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃُﺣﺴِﻦُ بمئةِ ﺩﻳﻨﺎﺭٍ ﺿﺮﺑﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻓﻤﺎ ﺃﻏﻨَﺖ ﻋﻨﻲ، ﻓﺎﻧﺨﺬﻟﺖ ﺍﻧﺨﺬﺍﻻً ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﻓﻮُﺿِﻌَﺖ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻜﻔﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺗﻨﺰﻝ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ، ثم ﻭُﺿﻌﺖ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺴكينة التي ﺑﻜﺖ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺇﻳﺜﺎﺭﻱ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻭابنها ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻜﻔﺔ ﺗﺮﺟُﺢ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺟُﺢ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ ﻳﻘﻮﻝ:"ﻗﺪ ﻧﺠﺎ...قد نجا".إنّ العمل اليسير من المعروف قد يكون كبيرًا عند الله عز وجل، فربما عظُم العمل بسبب النية الصالحة؛ كما قال عبدالله بن المبارك، رحمه الله تعالى:" رُبَّ عمل صغير تعظِّمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغِّره النية".عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال:"قال لي النبي (صلى الله عليه وسلم):لا تحقِرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق؛(رواه مسلم). وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه:" أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة" متفق عليه.