المحلية
أغسطس غادر بحرارته ... وبقي طفل "الرقي"
الثلاثاء 31 أغسطس 2021
5
السياسة
كتب - عبدالناصر الأسلمي:من أجل بضعة دنانير من بيع البطيخ "الرقي" وفي أوج حرارة أغسطس الخمسينية، يصهر زهرة طفولته على الرصيف، يحتمي هذا الطفل من الحر بظله ليساعد والده المقعد العاجز على تكاليف الحياة .احتمى من وهج الشمس الحارقة بظل يكاد لا يكفي جسده النحيل، وعرق يده بلل بضعة دنانير من بيع يومه التي تناقلها شمالاً تارة وليمناه تارة اخرى وتعود الى جيبه الصغير بانتظار قادم جديد لشراء بضاعته ، فيما يشتد الحر على جسده مطاردا قلبه كما الحياة بقسوتها. "السياسة" سألت الطفل بعد رصف بضاعته، عن سبب تكبده هذا العناء، ليؤكد أنه مجبر ولم يكن بطلا، فموزعو الرقي يطلبون تصريف البضاعة ليعطوه المزيد منها وهو يرضى بعرضهم طلباً للمزيد من الدنانير ليعطيها لوالده المقعد المنتظر لها ممزوجة بالحاجة والانكسار.حاول الطفل اخبارنا بعدم رضاه بعدة رسائل عند تصويره "عمي لا تصورني" مخلوطة بالاحترام وعزة النفس ثم أردف برسالة اخرى مفادها "أين اذهب؟!" عندما يترك بسطته البالية ليتوارى عن انظار سيارة البلدية التي تمر بالقرب من المكان ومن دورية الشرطة، كذلك بينما يقف بعض المارة لتزويد الطفل ببعض من الماء البارد او لشراء ما أمكن من بضاعته."السياسة" بدورها ابلغت الجهات الرسمية عن معاناة الطفل و"حرام" أن يبقى في هذا الوضع الحارق طوال ساعات النهار دون مبادرة لإنقاذ طفولته، ليؤكدوا انهم كلما اقتربوا منه توارى هم "غير قادرين على فعل شيء له"، رغم القرار الاداري (535/2015) الذي يمنع حتى الرجال الأشداء من العمل في مثل هذا الطقس الحار استنادا لـ"قانون الظهيرة" الذي اعلنته الهيئة العامة للقوى العاملة ،وجاء نصه حظراً على تشغيل العمالة في المناطق المكشوفة خلال أوقات الظهيرة من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً يوميا. الهيئة كانت أكدت سابقا متابعتها لتنفيذ هذا القرار بشن حملات تفتيشية مفاجئة على مواقع العمل لرصد المخالفات وتسجيلها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين لأن هدف القرار حماية العمال من حرارة الطقس الشديدة، فكيف اذا كان العامل طفلا تحرقه الشمس اللاهبة ليبقى سؤال واحد يخالج الذات "لماذا لا يحاسب الشخص الذي وضعهم في هذا الحر؟".