الأخيرة
أفغانستان مقبرة الغزاة
الأربعاء 18 أغسطس 2021
5
السياسة
محمد الفوزانقال الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب متلفز إن "الوضع في أفغانستان انهار بأسرع مما كنا نتوقعه".أضاف:" ما نراه الآن يثبت أن ما من قوة عسكرية يمكنها تغيير مجرى الأحداث في أفغانستان المعروفة بأنها مقبرة الغزاة". لا شك لدي أن الرئيس قد اطلع على تاريخ المنطقة وصعوبة السيطرة عليها، والانتصار على أهلها بسبب وعورتها وشدة بأس أهلها، وقوة إيمانهم بدينهم، فقد دخلها الإنكليز وانهزموا، ثم دخلها السوفيات وانهزموا، ثم دخلها الأميركان، ومكثوا فيها عشرين سنة من القتال، وبعدها انسحبوا معلنين أن أفغانستان مقبرة الغزاة.وباطلاعي وقراءاتي عن تلك المنطقة، وجدت أنه في عام 1841، وفي شوارع قرية أفغانية نزل بعض العسكر الانكليز واقتحموا أحد المنازل، ونهبوا ما فيه من مال وطعام وملابس وبطاطين، وكانت الثلوج تغطي الأرض كلها، وكان الرجال يحتطبون من الجبل ويصطادون طعامهم، وأثناء خروج الجنود مال احدهم على حجرة جانبية فيها سيدة المنزل، ونزع غطاء الوجه عنها باحثا عن سلاسل ذهبية في صدرها، فما كان من السيدة إلا ان أخرجت سكينا من تحت ملابسها كانت تخفيها وذبحت به العلج الانكليزي، فقبض زملاؤه عليها واقتادوها معهم، فهاجت القرية على الدورية وذبحوا 160 جنديا منهم ثمانية ضباط برتب مختلفة، وخلصوا السيدة من ايديهم.ثم اشتعلت الثورة في أفغانستان ضد الاحتلال الانكليزي وكانت شعلتها في مدينة كابول، وقتل فيها المعتمد البريطاني وعدد كبير من كبار الضباط الإنكليز حتى أن المجاهدين الأفغان في ذلك اليوم ابادوا فيها 17 الف جندي بريطاني، وذلك في كمين نصبوه لهم في "خورد كابول" فلم ينج من تلك الموقعة سوى الطبيب العسكري الانكليزي بريدون الذي فر إلى جلال آباد ليخبر قومه بالمصيبة التي حلت بجيشهم جيش بريطانيا العظمى، جيش الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، مسحه الأفغان من على وجه الأرض ولم يبق من 17 الف جندي إلا واحد فقط، فطلب القائد البديل الذي أتى من الهند منقذا ممن تبقى من الموظفين المدنيين طلب الأمان من المجاهدين مستعطفا لهم ان يتركوا المدنيين يخرجوا سالمين من افغانستان، فسمحوا لهم بالخروج بعائلاتهم غير مأسوف عليهم،فتعلم الانكليز في تلك الواقعة أن ينظروا إلى الأفغان بغير العين التي ينظرون بها إلى غيرهم من الجيران.وعرفوا ان الافغاني لا ينام ابدا وعليه ثأر، ولا يقبل أن يطأ الأجنبي تراب وطنه، وقد حكمت انكلتر الهند بــ 10 آلاف جندي لحفظ 190 مليون، تعداد سكان الهند وقتها، حيث ان باقي جيش الانكليز كان من الهندوس والسيخ وباقي العرقيات والعقائد، على ان من يدين بالإسلام في الهند كان هو العدو الاول للانكليز، ولا يثق فيه المحتل أبداً لعلمه أنه لن يقبل بالمهادنة.بالطبع لكل قاعدة شواذ، وليس منا ببعيد بداية ثورة الشعب الهندي المسلم ضد الإنكليز، وعدم تحالف غاندي مع علماء المسلمين حتى لا تكون الهند دولة مسلمة حسب نصيحة إنكلترا، مقابل ان يجعلوه هو الزعيم الأوحد للهند، إضافة إلى تلميعه إعلاميا امام العالم أنه ضد الاحتلال الإنكليزي للهند، بل كانت صحف وابواق إنكلترا هي من تنشر أخباره وما قالوا في كفاحه السلمي ضد الاحتلال.أفغانستان اليوم تتداخل فيها مصالح العالم كله، ولو تركت الفرصة لشعبها الحر لناطحت القوى العظمى في عظمتها، وثقة وعد الله بنصر دينه الحق.العالم الإسلامي اليوم يشعر بفرحة غامرة، ويبارك لهم، ويدعو لهم بالتوفيق والسلام والأمان والاستقرار.إمام وخطيب