"أميرة الأحزان"… لغة الموسيقى توحد الشعوب لا تفرقها

أغنيات التركية بيرغن حاضرة بصوت توتشة وقيادة البلوشي في مركز "جابر الثقافي"

فالح العنزي

في طريقي إلى مركز جابر الأحمد الثقافي، أول من أمس قررت أن أخرج من رأسي كل الفوضى، التي أعقبت حادثة اعتداء وحشية تعرض لها مواطن كويتي في مدينة طرابزون التركية، لأن الاغنيات التركية وخصوصا اعمال أسطورة الغناء بيرغن، تحتاج الى مزاج هادئ يمكن للمتلقي السفر معها في عوالم الأحزان، التي كانت تعيشها في عزلتها بينما كنا نستمتع ونرقص دونما أن نشعر بأنها كانت تموت مع آه تزفرها من حنجرتها.
أول من أمس كانت هناك أمسية غنائية رائعة بتوقيع المغنية التركية المقيمة في الكويت توتشة النجار وفرقة اسطنبول للوتريات بقيادة المايسترو الدكتور بسام البلوشي، أحد قادة الترويج للفن التركي وأسراره الساحرة.
ومن مقاعد الجمهور قررت الاستمتاع وقضاء ساعة ونصف الساعة في الابحار بهذا العالم الجميل والتمعن في الكلمات، التي كانت الراحلة بيرغن تتعمد اختيارها وكأنها تعلم تماما أن التاريخ لن يلفظها بل سيظل مدافعا عن امبراطورية الحزن، التي أورثتها لكل من جاء بعدها من المطربين الأتراك.
تشكل قصة أسطورة الغناء التركي الراحلة بيرغن، نموذجا واقعيا للمثل الشهير "ومن الحب ما قتل"، فهي ذهبت ضحية عاشق متهور وعربيد رفض الاعتراف بأن طريقهما لم يعد في اتجاه واحد فأرداها قتيلة بوابل رصاص أنهى معاناتها، التي كانت تعيشها الى درجة أطلق عليها لقب "أميرة الأحزان".
في مركز جابر الأحمد الثقافي كان للمغنية التركية توتشة النجار، مساحة كبيرة للتعبير صوتاً وصورة عن الإرث الغنائي، الذي تركته واحدة من أعظم المغنيات الأتراك، مأساة "أميرة الأحزان" والتي كانت تترجمها دوما من خلال اغنياتها كانت حاضرة وبقوة ضمن فعاليات اليوم الثاني من مهرجان الكويت الدولي للموسيقى، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وقاد الفرقة الموسيقية المايسترو الدكتور بسام البلوشي بمشاركة فرقة اسطنبول للوتريات، حيث تنقلت توتشة المقيمة في الكويت بالجمهور من محطة إلى أخرى لتثبت للعالم أن لغة الموسيقى هي من توحد القلوب مهما فرقت السياسة أو التصرفات الفردية صفو تلاحم الشعوب.
وحرصت المغنية التركية توتشة النجار، على تقليب دفتر أحزان بيرغن واختارت بقيادة المايسترو البلوشي، مجموعة أغنيات تلونت بألوان المعاناة، التي كانت تعيشها بيرغن مع زوجها العاشق المجنون، الذي لم يكتفي باصابتها بعاهة مستديمة أفقدتها النظر في احدى عينيها بل ظل يلاحقها حتى قتلها وكان يردد دوما "هي لم تخلق من أجلكم بل خلقت من أجلي ولي وحدي"، ومن الأغنيات الشهيرة التي لا تزال خالدة بصوت "أميرة الأحزان"، نذكر "لدي شكوى"، "مصير أشقائنا"، "إذا أحب الإنسان" و"إمرأة الأحزان"، وهو الألبوم الرابع في مسيرتها الذي طرحته العام 1986 وكان بمثابة منعطف تاريخي في لفت انتباه جمهورها تجاه ما كانت تخفيه من معاناة وراء ظهورها الصاخب في الحفلات والمناسبات العامة، والمتمعن في عناوين أغنياتها سيدرك تماما أن خلف كل عنوان هناك قصة ومعاناة وألم موجع بدليل أنها أعقبت ألبوم "أميرة الأحزان" بألبوم "حرقة يا ربي" بعدما عجزت السلطات التركية عن حمايتها رغم التعهدات، التي كان يوقعها طليقها في كل مرة، كذلك من الاعمال التي انتشرت بصوت بيرغن، وأدتها توتشة باحترافية مطلقة أغنيات "فائدة حبي"، "لا أريد"، "أعوام لا ترحم"، "شبابي الذاهب"، "تنتهي محنة الغربة في القبر" و"بكائي الأخير" الذي أطلقته وكان آخر ألبوم أسدل الستار على مسيرة بيرغن الشهيرة.