الدولية
أميركا وإيران تتبادلان التهدئة وتسعيان إلى تفاوض "غير مشروط"
الخميس 09 يناير 2020
5
السياسة
واشنطن، طهران، عواصم - وكالات: بعد نذر الحرب التي لاحت بينهما، تبادلت الولايات المتحدة الأميركية وإيران رسائل التهدئة، حيث أكدت واشنطن أنها لا ترغب في استخدام القوة العسكرية ضد إيران، وأنها مستعدة للتفاوض معها "دون شروط مسبقة"، كما أعلنت طهران أنها لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب مع الولايات المتحدة.وقال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس "نتلقى معلومات استخباراتية مشجعة، بأن إيران تبعث برسائل إلى ميليشياتها بألا تتحرك ضد أهداف أميركية أو مدنيين أميركيين، ونأمل أن تجد تلك الرسالة صدى".ووصف بنس قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني الذي قتل في غارة جوية أميركية يوم الجمعة الماضي، بأنه كان القائد الرئيسي للمليشيات التي ترعاها إيران، مضيفا أنه وصلت واشنطن معلومات قبل الهجوم الإيراني فجر الأربعاء الماضي، باحتمال تعرض قوات بلاده لاعتداءات إيرانية، وأن الإنذار المبكر "أتاح فرصة نقل أميركيين وحلفاء من دائرة الخطر".وأشار إلى أَن الشعب الأميركي يستطيع أَن يرتاح الليلة، بفضل "القيادة القوية التي أظهرها الرئيس دونالد ترامب، والشجاعة الكبيرة التي أثبتتها قواتنا المسلحة المحترفة"، مضيفا "نحن نتعامل مع نظام هو الأكبر والممول الرئيس للإرهاب منذ 20 عاما"، مضيفا "سوف نواصل استعداداتنا وسوف نواصل تحضيراتنا ومواجهة هذا النظام كما فعل الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع".وقبل ذلك، أكد الرئيس دونالد ترامب أن بلاده لا ترغب في استخدام القوة العسكرية للرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدتين تستضيفان قوات أميركية في العراق، مؤكدا أنه سيفرض مزيدا من العقوبات على إيران. من جانبه، أكد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، إنه بتصفية سليماني، استعادت الولايات المتحدة "مستوى من الردع بمواجهة إيران، مضيفا أنه "بالضربات التي نفذناها ضد كتائب حزب الله في أواخر ديسمبر ثم بعمليتنا ضد سليماني، أعتقد أننا استعدنا مستوى من الردع معهم".من جهته، اعتبر رئيس الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي، إنه من السابق لأوانه قول إن كانت إيران ستنفذ هجمات أخرى، مشيدا بالقادة العسكريين على الأرض لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتأمين الجنود الأميركيين خلال الهجوم الصاروخي الإيراني.وبعد التهدئة العسكرية المؤقتة، تركت واشنطن الباب مشرعاً بوجه طهران لأي مفاوضات محتملة، بإغلاقه أمام منظمات المعارضة في الخارج، حيث أصدر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تعميماً على الديبلوماسيين يقضي بعدم التعامل مع 6 منظمات إيرانية معارضة.ووفقاً لموقع "بلومبيرغ" فقد جاء في البرقية أن "التعامل المباشر للحكومة الأميركية مع هذه الجماعات المعارضة بالتحديد، يمكن أن يأتي بنتائج سلبية على سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمتمثلة في السعي للتوصل إلى اتفاق شامل مع النظام الإيراني، يعالج سلوكه المزعزع للاستقرار".وفي البرقية، أمر بومبيو الديبلوماسيين الأميركيين بتقييد أي اتصال مع جماعات المعارضة الإيرانية، وعلى رأسها منظمة "مجاهدي خلق" وذراعها السياسية "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية".أما المنظمات الخمس الإيرانية المعارضة الأخرى، فقد شملت بعض أحزاب القوميات الكردية والآذرية والعربية، وهي "حزب كومله الكردستاني"، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني"، و"حركة النضال العربي لتحرير الأحواز"، و"الحركة القومية لتحرير أذربيجان الجنوبية".وجاء في البرقية الديبلوماسية أن هذه الجماعات المعارضة الإيرانية في المنفى، "تحاول التعامل مع المسؤولين الأميركيين بانتظام، لتحصل على دعم ضمني يعزز حضورها ونفوذها".ووفقاً لتقرير "بلومبيرغ"، أثار التعميم الديبلوماسي استياء بعض الصقور، الذين قالوا إن على الولايات المتحدة تشجيع الاتصالات مع جماعات المعارضة الإيرانية وليس تثبيطها.في السياق، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، إن واشنطن "مستعدة للدخول دون شروط مسبقة في مفاوضات جادة مع إيران، لمنع تعريض السلام والأمن الدوليين لمزيد من الخطر أو للحؤول دون حدوث تصعيد من جانب النظام الإيراني".وأضاف كرافت في رسالة إلى الأمم المتحدة أن واشنطن مستعدة لاتخاذ إجراء جديد "إذا اقتضت الضرورة" لحماية جنودها ومصالحها، كما بررت قتل سليماني بأنه دفاع عن النفس وعلى صعيد متصل، قدم السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي والجمهوري راند بول مشروع قرار يؤكد أن ترامب لا يملك تفويضا من الكونغرس للقيام بعمل عسكري ضد طهران.وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إن المجلس سيصوت على مشروع قرار يمنع ترامب من خوض حرب ضد إيران، مضيفة أن "مخاوفنا لم تتبدد"، رغم المعلومات السرية التي اطلع عليها النواب من مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية بشأن الظروف التي دفعت ترامب لإصدار الأمر باغتيال قائد فيلق القدس.في المقابل، أعلنت إيران انتهاء عملياتها الانتقامية، حيث أكد مندوبها2 لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، أن بلاده لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب مع الولايات المتحدة، معتبرا أن زيادة التوتر ليس في مصلحة أحد.وأضاف أن رد بلاده على مقتل سليماني كان متناسبا مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تقر الحق في الدفاع عن النفس، وأن العملية انتهت، لكنه هدد بأنه في حال تحرك الولايات المتحدة عسكريا ضد إيران فسيكون هناك رد.وأكد في رسالة إلى الأمم المتحدة احترام بلاده "الكامل لاستقلال العراق وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه"، مضيفا أن استهداف القاعدتين على أرض العراق كان "عملية دقيقة واستهدفت أهدافا عسكرية بطريقة لم تلحق أي أضرار جانبية بالمدنيين".وتراجعت إيران عن إعلان مقتل عشرات الأميركيين، قائلة إن الهدف "تدمير آلتها العسكرية".وقال قائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري أمير علي حاجي زادة، إن ضربات طهران الصاروخية على أهداف أميركية بالعراق لم تستهدف قتل جنود أميركيين، وإنما الإضرار "بالآلة العسكرية" الأميركية، مضيفا أنها بداية لسلسلة هجمات عبر المنطقة.على صعيد متصل، قررت باكستان إطلاق مبادرة ديبلوماسية ضمن جهودها الرامية لتخفيض حدة التوترات، وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الباكستانية عائشة فاروقي، عدم رغبة بلادها في التصعيد، مشيرة إلى مواصلة إسلام آباد لعب دورها لإحلال السلام والاستقرار.من جانبها، دعت الصين جميع الأطراف إلى الالتزام بالاتفاق النووي، والعمل على تخفيف حدة التوترات.بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن بلاده تعيد النظر بجدية في مستقبل الاتفاق النووي، بعد أن دعا الرئيس دونالد ترامب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الانسحاب من الاتفاق.واتهم الوزير البريطاني طهران بعدم الامتثال للاتفاق، مؤكدا مواصلة التزام بلاده التام إزاء وقف امتلاك طهران أسلحة نووية.من ناحيته، أيد رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى، قرار الولايات المتحدة بالرد بشكل مدروس على الهجمات الصاروخية الإيرانية على القوات الأميركية فى العراق، قائلا "نحض جميع الأطراف على ضبط النفس"، مضيفا "سنواصل بذل الجهود الديبلوماسية لتخفيف التوتر".