الثلاثاء 20 مايو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

أورانك زيب وهيبة الإسلام في الهند ( 2 )

Time
الخميس 14 أكتوبر 2021
View
5
السياسة
محمد الفوزان

بعد وفاة السلطان شاه جيهان أعلن ابنه أورانك زيب نفسه سلطانًا على الهند، وكان عمره 40 سنة، ولم يركن إلى الدعة والراحة، بل لبس للحرب من اليوم الأول، وظل في جهاد طوال 52 سنة حتى خضعت له شبه القارة الهندية، من مرتفعات الهيمالايا إلى المحيط، ومن بنغلادش اليوم إلى حدود إيران.
شهدت الإمبراطورية الإسلامية في الهند في عهده (1658- 1707) أقصى امتداد لها؛ وذلك يرجع إلى الجهود العسكرية التي بذلها؛ حيث لم يبق إقليم من أقاليم الهند إلا خضع لحكمه.
أبطل أورانك زيب 80 نوعًا من الضرائب، وفرض الجزية على غير المسلمين بعدما أبطلها أجداده، وأقام المساجد والحمامات، والخانقات، والمدارس والمستشفيات، وأصلح الطرق وبنى الحدائق، أصبحت دلهي في عهده حاضرة الدنيا، وعين القضاة، وجعل له في كل ولاية نائبًا، وأعلن في الناس أن"مَنْ كان له حق على السلطان فليرفعه إلى النائب الذي يرفعه إليه".
أظهر تمسُّكه بالإسلام والتزامه شرائعه؛ فأبطل الاحتفال بالأعياد الوثنية؛ مثل عيد النيروز، ومنع عادة تقبيل الأرض بين يديه والانحناء له، ومنع الخطب الطويلة التي تقال لتحية السلطان، واكتفى بتحية الإسلام، كما منع دخول الخمر إلى بلاده، وصرف أهل الموسيقا والغناء عن بلاطه، ورُوي في ذلك قصة: أنه كان يومًا خارج قصره فرأى الموسيقيين والقينات يلبسون السواد ويبكون ويحملون نعشًا، فسأل: ما هذا؟ قالوا: هذا الغناء والمعازف نذهب لدفنها.
فقال رحمه الله: إذن أحسنوا دفنها لئلاَّ تقوم مرة أخرى!
وأتمَّ السلطان حفظ القرآن الكريم وهو يجلس على كرسي الحكم، وعين للقضاة كتابًا يفتون به على المذهب الحنفي، فأمر بتأليف الكتاب تحت نظره وإشرافه، واشتهر الكتاب باسم "الفتاوى الهندية"، أو"الفتاوى العالمكيرية"، يعرفه كل طلبة العلم.
ثم أقدم على بناء مسجد "بادشاهي" في لاهور بباكستان حاليا؛ المسجد الذي ظلَّ إلى اليوم شاهدًا على عصر عزِّ المسلمين وتمكينهم، وقضى على فتنة البرتغاليين في المحيط، وكان رحمه الله يصوم رمضان كاملاً، ولا يفطر إلا على أرغفة من الشعير من كسب يمينه من كتابة المصاحف لا من بيت مال المسلمين!
وكان يصوم الاثنين والخميس والجمعة من كل أسبوع، ولم يتركها قطُّ، وكان يأبى إلا أن يُصَلِّيَ الفرائض كلها في وقتها جماعة مع المسلمين، وكان يُصَلِّي التراويح إمامًا بالمسلمين، ويعتكف العشر الأواخر في المسجد، فكان أعظم ملوك الدنيا في عصره.
وخصَّص موظَّفين يكتبون كلَّ ما يقع من أحوال رعاياه ويرفعونه إليه، وأبطل عادة تقديم الهدايا إليه كما كان يُفعل مِنْ قَبْلُ مع أسلافه، وكان يجلس للناس ثلاث مرَّات يوميًّا من دون حاجب يسمع شكاواهم.
دخل ملايين من المنبوذين الهنود الإسلام في عهده، ووقف حائلاً أمام المد الصفوي على البلاد، وألَّف كتابًا شرح فيه أربعين حديثًا شريفًا على غرار الأربعين النووية.
تمَّ له ذلك مع أنه لم يتمَّ لأحد من أسلافه أخْذُ الجزية منهم؛ لكثرتهم وتغلُّبهم على إقليم الهند، وأقام فيها دولة العلم، وبالغ في تعظيم أهله وعظمت شوكته، وفتح الفتوحات العظيمة، وهو مع كثرة أعدائه وقوَّتهم غير مبالٍ بهم، مشتغل بالعبادات، وليس له في عصره من الملوك نظير في حُسن السيرة والخوف من الله تعالى والقيام بنصرة الدين.
توفي السلطان أورانك زيب عالمكير في 28 من ذي القعدة 1118هـ الموافق20 من فبراير 1707، بعد أن حكم 52 سنة، وبموت هذا الأسد غربت شمس المجد عن شبه المملكة الهندية حتى اليوم.
ومن المذابح التي تعرض لها المسلمون في الهند:
مذبحة أحمد أباد عام 1970؛ التي ذهب ضحيتها 15 ألف مسلم باعتراف أنديرا غاندي نفسها، وارتكب فيها الهنادكة، أفظع الجرائم في تاريخ البشرية، منها، إحراقهم 300 امرأة مسلمة بالنار وهن أحياء.
ومذبحة آسام الشهيرة التي ذهب ضحيتها أكثر من 50 ألف مسلم على أيدي الهنادكة، ولازالت مدينة آسام تنزف إلى يومنا هذا، ومجزرة ميروت ومليانة عام 1987.

إمام وخطيب
[email protected]
آخر الأخبار