الاثنين 30 سبتمبر 2024
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
أوقفوا سيف التخلف المصلت على رقابنا
play icon
الافتتاحية

أوقفوا سيف التخلف المصلت على رقابنا

Time
الاثنين 14 أغسطس 2023
View
549
السياسة

أحمد الجارالله

كلما استبشر الكويتيون خيراً بخطوة ما إلى الأمام خرج علينا بعض النواب باقتراحات تشدنا إلى التخلف، وكأنهم ليسوا من أهل البلد، ولا هم ممن عاشوا ثقافتها وتقاليدها، وتراثها، لذا هم يصرون على جعل الكويت تنافس أفغانستان بالانغلاق على ذاتها، أو يعملون على دفع البلاد إلى النموذج اللبناني، أو العراقي، وأن تكون لكل طائفة ومذهب مرجعيته، ودويلته ضمن الدولة.
منذ أن استطاعت قوى التخلف الاجتماعي فرض رؤيتها على مجلس الأمة، وهي تسعى إلى تعديل المادة الثانية من الدستور، تمهيدا لتعديل القيم الكويتية، لذا خرجوا علينا قبل فترة بما يسمى "الظواهر السلبية" التي، للأسف، جارتهم فيها كتل نيابية والحكومة، فصارت لدينا لجنة نيابية بهذا الشأن، فيما لجنة القيم النيابية المعمول بها في مختلف برلمانات العالم المتقدم، أزيحت إلى النسيان، لأن هؤلاء لا يريدون من يحدد لهم كيف تكون الممارسة البرلمانية، إنما يسعون إلى تكبيل المجتمع بقيود مزاجيتهم.
نحن اليوم أمام اقتراحات أقل ما يقال فيها إنها نكوص على القيم الكويتية، وخروج على المبادئ الدستورية التي منحت هؤلاء حق التحدث علناً، وأن يكونوا نوابا، لكنهم بدلا من الاستفادة من هذا الحق، خروجوا علينا بما يجعلهم أولياء أمور الكويتيين، وهنا نسأل: من منحهم هذا السطوة، أليست الحكومات التي خضعت لهم، على أمل تمرير صفقات عدم محاسبة هذا الوزير أو ذاك؟
نعم، الحكومة مسؤولة عن فرض قرارها بما يتناسب مع الثقافة الاجتماعية، وليس وفق رؤية قاصرة، فهي السلطة التنفيذية التي قبِلها الشعب لتمارس قناعته، وليست قناعات بعض تجار الشعارات المتخلفة.
لهذا نسأل: ماذا يعني منع النساء من تولي العمل القضائي، ومنع غير المحجبة من الترشح للانتخابات، وإعادة الرقابة المسبقة على الكتب، والتشدد بمنع الاختلاط في التعليم، وحظر المهرجانات وبعض الحفلات، وتجريم الوشم وعمليات التجميل، والتشدد في ارتياد المسابح ونوادي الفنادق، وغيرها من اقتراحات تقدمت بها مجموعة نيابية، يبدو أنها تعيش في العصور الوسطى، حين كانت الكنيسة تحدد من هو المؤمن والملحد، والتي انتهت إلى ثورات عدة في أوروبا، أطاحت أنظمة، وكذلك سطوة الكنيسة.
لهذا، ومن التجربة الماضية حين كانت الممارسة نيابية تقوم على مبدأ "شيلني وأشيلك"، استطاع "حرافيش" السياسة هؤلاء تمرير جزء كبير من أهدافهم، ولم يعيروا أي أمر للتكلفة الاجتماعية المترتبة على ذلك، ولا أيضا الخسائر المالية التي تتكبدها الدولة جراء منع الاختلاط، ولا تلك تبعاتها على الاقتصاد الوطني جراء الإقفال الممنهج للبلاد.
لنقولها صريحة: إن هذه الضوابط المتشددة كانت العامل الأول في زيادة الإقبال على المخدرات، وكذلك الهجرة الموقتة إلى الخارج مع كل إجازة، ومدى ما يترتب ذلك الناتج القومي.
هذا يذكرني بما قاله ابن خلدون منذ أكثر من 700 عام، وهنا أكرر ما كتبته في 13 فبراير 2021: "لم يكن الرجل قارئ غيب أو ضارب مندل، إنما كان عالماً بأحوال الناس والمجتمعات، لذا كتب عندما تنهار الدول يكثر المنجمون، والمُتسوِّلون، والمنافقون والمُدَّعون والكتبة، والمُتسيّسون والانتهازيون، ويسودُ الرعبُ ويلوذ الناس بالطوائف، ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق".
اليوم نعيد ونكرر ذلك لأن الذكرى تنفع المؤمنين، لذا على الحكومة والشعب الكويتي أن تتصدى لهذا النوع من الاقتراحات، لأن هؤلاء يعملون بقاعدة "خذ وطالب" حتى تكون لهم الغلبة، وبعدها يحكمون وفق رؤيتهم، وهذه الطامة الكبرى التي يجب أن يتنبه إليها الجميع، وليس من يعارض من النواب فقط، بل الحكومة والكويتيين كافة، لأن سيف التخلف سيكون مصلتا على رقابهم، وبالتالي لن تنفع الصفقات بين الحكومة وأولئك النواب.

[email protected]

آخر الأخبار